تنتشر داخل الأحياء وتنفث سمومها الضارة بين الأطفال والنساء بلا حسيب أو رقيب، تجتذب شريحة كبيرة من كبار السن والشباب حتى المراهقين الذين يقصدونها في ليالي رمضان، حيث تزيد نسبة الإقبال خصوصا من صغار السن الذين يمدون وقتهم في تدخين الشيشة والمعسل ومشاهدة القنوات الفضائية ولعبة البلوت حتى الفجر.«عكاظ» زارت عددا من المقاهي في حي الروابي جنوبي جدة وأيضا الكندرة، فضلا عن مقاهٍ شمالي جدة، والتقت بعدد من الرواد الذين تحدثوا عن تجاربهم مع التدخين وأيضا عن أضرار الظاهرة على السكان المحيطين، ورأي الأمانة حول الآلية التي تنظم عمل المقاهي وكانت حصيلة الآراء وفق التالي: البداية، كانت مع يحيى سعيد طالع (50 عاما)، من سكان حي الكندرة جنوبي جدة، ويقطن إلى جوار مقهى شعبي، وأوضح طالع ل«عكاظ» أن سكنه بالقرب من المقهى شجعه على قضاء معظم وقته في لعب البلوت مع أصدقائه، وأضاف: أتردد على المقهى الوحيد والمجاور لمنزلي منذ سنوات، وزاد: «المقهى قريب من المنزل وهو أيضا مناسب للالتقاء بالأحبة والأصدقاء، خصوصا في ليالي رمضان التي تحمل نكهة خاصة سرعان ما تمر سريعا» وخلص إلى القول: «انتشار المقاهي داخل الأحياء السكنية يثير قلق الجميع، نظرا لآثاره السلبية على صحة الإنسان وأيضا البيئة». انتشار المقاهي من جانبه، وافق طلال رده المالكي على ما سبقه من رأي حول انتشار الظاهرة وأضرارها على الإنسان، وأضاف: أتردد على المقهى بشكل يومي وأقضي داخله ساعات طويلة في تدخين الشيشة التي أدمنت عليها وأصبحت عادة الذهاب إليها أمرا طبيعيا حتى على حساب أعمالي الخاصة، وزاد: «بشكل عام، مقاهي الأحياء تعد من العوامل المساعدة على زيادة نسبة المرتادين خصوصا من الأطفال دون سن ال15 الذين أدمنوا تدخين المعسل، وهو ما يشكل ظاهرة خطيرة يمكن التصدي لها بحزم، فضلا عن افتقارها للنظافة، خصوصا أن أصحاب المقاهي لا هم لهم سوى تحقيق الربح على حساب صحة الفرد والمجتمع. متعة الوقت ومن داخل مقهى شعبي آخر في حي الروابي قال أبو خالد: لا أشعر بمتعة الوقت إلا إذا كنت برفقة الأصدقاء والجيران في هذا الموقع، موضحا أنه يلتقي أصدقاءه في المقهى لتبادل الأحاديث الودية وأيضا هموم العمل ومتاعبه وصيام شهر رمضان، وأضاف: بعد تناول وجبة الإفطار وأداء صلاة المغرب أقصد أقرب مقهى شيشة ولا أغادره إلا قبل آذان العشاء بربع ساعة لأعود إلى البيت ومن ثم الذهاب إلى المسجد لأداء صالة العشاء والتراويح ومن ثم العودة مجددا إلى شرب الشيشة حتى بعد منتصف الليل. تشويه المنظر وبالمقابل، يقصد عبد الكريم الملهي، المقهى المجاورة لمنزله في حي الروابي جنوبي جدة، للتسلية ولقاء الأصدقاء، كما يقول، وقال: لا أدخن الشيشة، لكنني مدمن سجائر وأحاول التخلص من هذه العادة السيئة في شهر الصيام، وأضاف: على الجهات المعنية الوقوف في وجه ظاهرة انتشار المقاهي الشعبية داخل أحياء جدة ودارسة أوضاعها، خاصة في ما يتعلق بالنظافة وتطبيق العقوبات المناسبة في حق المقاهي التي لا تطبق الأنظمة والتعليمات وأهمها منع دخول من تقل أعمارهم عن 17 عاما، إضافة إلى تلك التي ساهمت في تشويه المنظر العام لأحياء المدينة وتضر بساكني هذه الأحياء. فوق السطوح من جانبه، أشار حسين أبو داحي إلى مقهى يقع على سطح مجمع تجاري شمالي جدة، ويقع خلفه عدد من العمائر السكنية ومحطة للوقود، وقال: الدخان المنبعث من المقهى يغطي المكان ويتغلغل داخل المحال التجارية أسفله، وأضاف: هذا الوضع غير مقبول ويجب التصدي له خصوصا بعد قرار منع منح الترخيص للمقاهي داخل الأحياء السكنية في جدة، ورغم ذلك فإن العديد من هذه المقاهي ما زالت تنفث السموم عل السكان المجاورين داخل الأحياء نفسها. إلى ذلك، أشار علي عبدالمنعم من العاملين في مقهى شعبي، إلى الزيادة الملحوظة في نسبة الزبائن في شهر رمضان، مقارنة بباقي شهور السنة، خاصة في فترة ما بعد الإفطار مباشرة وفترة ما قبل السحور، وغالبيتهم من الزبائن الذي اعتدنا عليها. النظام يمنع إلى ذلك، أوضح مصدر في أمانة محافظة جدة أن النظام يمنع إقامة المقاهي داخل الأحياء السكنية والأدوار العلوية للمباني وأسطح المباني أو المحال التجارية أسفل المباني السكنية وإلى جوار المساجد والمدارس، مبينا أنه وفق النظام ألا تقل المسافة بين المقهى والمسجد ومدارس الأولاد عن 100 متر، و250 مترا عن مدارس البنات، مشيرا إلى أن المقاهي بصفة خاصة تعد من الأنشطة المحدودة التي يندر تواجدها على الشوارع وضمن الأحياء، وتخضع لاشتراطات ومعايير تخطيطية قبل إصدار أي ترخيص، مشيرا إلى وجود جهات رقابية مختلفة في الأمانة والبلديات الفرعية تتولى المرور بشكل دوري على هذه المقاهي، وحصر خدماتها، وتطبيق الغرامات والجزاءات بحق المخالفة منها. وبين المصدر أنه لا يتم تجديد تراخيص هذه النشاط إلا بعد التحقق من استيفاء كافة الاشتراطات ضمن إطار الضوابط المتعلقة ومنها تخصيص أماكن للمدخنين، في المطاعم والمتنزهات والكوفي شوب، مؤكدا تنفيذ حملات مشتركة من الأمانة، الشرطة، مكتب العمل، الجوازات والدفاع المدني على المقاهي، لتسجيل الملاحظات ووضع العقوبات والغرامات بحق المخالفين. وذكر المصدر، أن أمانة جدة وضعت اشتراطات لتنظيم وضع المقاهي في المدينة، ومن هذه الاشتراطات أن يكون المقهى على شارع تجاري أو في المراكز التجارية أو في30 مترا عن محطات الوقود وأن تقل المساحة الكلية للمقهى عن 400 متر مربع، وألا تقل الواجهة المطلة على الشارع الرئيسي عن 20 مترا. مشيرا إلى أن النظام يجيز إقامة المقاهي في أماكن المستودعات ومعارض السيارات ومحطات ترحيل المسافرين وعلى الطرق السريعة (الاستراحات)، وغيرها من الأماكن الأقل ضررا على المجاورين.