يتم تداول رسائل جوال بكثافة تدعو للتبرع لضحايا المجاعة في الصومال وأن الوجبة الواحدة لا تكلف إلا 16 هللة وأن وجبة العائلة تكلفتها 46 ريالا، وصلتني هذه الرسالة من عدة مصادر واستغربتها كثيرا وعبثا حاولت الاتصال بمن أرسلها لكنهم لا يردون!!، ومصدر الاستغراب، كما ستلاحظونه جميعا مثلي، أمران الأول أنه من غير المعقول أن توجد وجبة غذائية في هذا الزمن تكلفتها 16 هللة، (ماهذه الوجبة؟! وما عناصرها؟! وماهي قيمتها الغذائية؟! أمر عجيب فعلا ومثار شك)، والثاني أن تكلفة وجبة العائلة 46 ريالا أي أكثر من 287 ضعف وجبة الفرد!! فهل العائلة في الصومال تتكون من 287 فردا؟!!. ولأنني أكره أكثر ما أكره استغفال الناس واحتقار عقولهم فقد عممت تساؤلي عبر وسائل الاتصال الحديثة السريعة (الفيس بوك والتويتر) فوجدت من اقتنع بأن الست عشرة هللة قد تكفي لأن الوجبة المقصودة هي خليط مطبوخ من الحليب والذرة والزيت والطحين والدخن، أما البعض الآخر فقد توجس من الأمر وظن فيه تلاعبا واحتيالا، ومن القوم من اتخذه سخرية وتندرا وبنى عليه النكت وهو ما لا أحبذه لأن مأساة إنسان الصومال ليست مجالا للتندر أعانهم الله وحمانا مما أصابهم، وممن أخذ الأمر مأخذ الجد وبذل جهدا للبحث عن إجابة صديقي في الفيس بوك سليمان الأحمد الذي أكد عدم اقتناعه بأن وجبة لا تكلف إلا 16 هللة لكنه شرح بأن اللبس جاء من مقطع فديو للدكتور الداعية المتطوع للإغاثة عبدالرحمن السميط يتحدث فيه عن قصة من عام 1992م عندما منع وجبة عن الطفل صديق كنن وهو يتيم عمره سنتان من شمال كينيا بحجة أن وزنه أقل من الطبيعي بنسبة 44% وسوف يموت لا محالة وذلك لتوفير الوجبة لغيره من عشرات الآلاف (رغم أن الوجبة لا تكلف إلا 16 هللة) ثم أشفق عليه واحتسب وجبته لمدة سنة (58.5 ريال) من حساب الدكتور الخاص وبعد 12 سنة شاهد الطفل حيا يحفظ القرآن والأول على فصله، وكرر الدكتور في المقطع الذي شاهدته أن الوجبة لا تكلف إلا 16 هللة في كينيا ذلك الزمن!!. وبعد أن عرف السبب بطل جزء من العجب وهو اللبس لكن الرسائل المجهولة قد تكون استغلت هذا اللبس بمثل الاصطياد في الماء العكر أما سر وجبة العائلة فلم يفسر لي بعد، وأصبح لزاما توضيح القنوات الحقيقية الفاعلة الجادة نحو مساعدة الجياع في الصومال وعمل كل مامن شأنه ضمان وصول مساعدات مجزية إليهم. www.alehaidib.com