• هناك أسماء تبقى في الذاكرة حتى وإن غيبها الموت وثمة أسماء ربما تأتي وتذهب دونما أن نشعر بها. • فقد الوطن الخميس الماضي أحد كبار المشايخ في العرضية الشمالية. • وحينما أقول قربا فأنا أتحدث عن علي بن جاري العرياني، شيخ قبيلة بالعريان وعميد مشايخ العرضيتين الشمالية والجنوبية، وإن أبحرت في الحديث عن مناقبه ستضيق المساحة، ولكنه سيظل الكبير الذي ودعناه بدموع المحب، ودموع الأبناء الذين كان يمثل لهم علي بن جاري العرياني الأب. • في جنازته المهيبة تحول المكان إلى تعزية مشتركة، كان فيها الكل يعزي الكل، والفرد يعزي الفرد، وكلمة العزاء المشتركة رحم الله الوفاء. • عرفته كواحد من أبناء قريته المبنى وأبناء قبيلته، ولم أنس حتى الآن خطبه في المساجد وفي الاجتماعات، حيث كان إماما و خطيبا مفوها. • مات شيخنا وسأظل أرثيه وأرثي من خلاله رجلا في قبيلة، و قبيلة في رجل. • مات فضاقت المقبرة بمحبي علي بن جاري الذين أتوا من كل حدب وصوب؛ لا لتشييع جنازته فحسب، بل لتلقي العزاء فيه. • لم يكن شيخا وأبا فقط لأبنائه محمد وجاري وعون وعبدالرحمن و سعيد ويحيى وحاسن و سعيد بقدر ماكان أبا لأبناء القبيلة جميعا. • على وجه ابن عمه، بل وأخيه سعيد بن خضران العرياني قرأت ما يمكن أن يقوله ديوان من المرثيات. • تلقى العزاء فيه ثم ودعته وودعني بقوله لقد فقدنا كبيرا بعمله وتعامله وكبيرا بهيبته، إنه رجل بحجم قبيلة. • ثم عزاني وعزيته وتركنا للدموع الحديث أكثر. • لقد مات علي بن جاري العرياني، وسنظل نذكره ونتذكره مربيا فاضلا وشيخا زاهدا وإنسانا علمنا كيف نحب ولم يعملنا شيئا غير الحب. • أغيب عنه سنوات ثم ألتقيه وأجده كما عهدته مبتسما.. عفويا.. يسأل بوعي، وينصت بوعي ويجيب كما تود أن تكون الإجابة. • رحم الله أبونا وشيخنا علي بن جاري رحمة واسعة. • فبموته فقد الوطن أحد الشيوخ الذين توارثوا الوفاء للقيادة أبا عن جد وسيورثونه حتى يرث الله الأرض ومن عليها. • رحمك الله يا أبا جاري و«إنا لله وإنا إليه راجعون».