ودعت محافظة الجموم يوم الجمعة الماضي الموافق 25/ 1/ 1432ه علماً من أعلامها ونجماً من نجومها وشيخاً من شيوخها ؛ إنه الشيخ سعيد بن نامي بن ثابت الهديبي المقاطي رحمه الله رحمة واسعة . عاش سعيد محبوباً ومات محبوباً ؛أجريت له قبل موته بأسبوع عملية قصدرة ونجحت العملية وخرج منها طيباً معافى ،وتوافد المحبون على الجناح الذي وضع فيه بأعداد كثيرة حتى إن بعض الناس يأتي وينتهي وقت الزيارة ولم يستطع الدخول ثم خرج إلى بيته وزاد عدد الزوار وما زالوا يتوافدون حتى قبل موته بدقائق كان هناك من يزوره ويطمئن عليه ،وبعد ذهاب أخر من زاره مساء الجمعة الماضية وأثناء حديثه مع أحد إخوانه توقف قلبه فجأة وعند نقله للمستشفى اتضح أنه قد فارق الحياة . وكأن الله قد يسر لسعيد رحمه الله أن يودع جميع محبيه بحضورهم وسلامهم عليه وحديثهم معه حتى من طالت غيبته عنه أتى يزوره (يودعه) وهو لا يشعر . اشتهر الشيخ سعيد في حياته بأخلاق فاضلة وصفات كريمة ؛لعل من أبرزها كرمه الحاتمي فهو فتى الجود من صغره ،والكل يشهد بذلك وليس له ضيوف معينون بل أبواب بيته مشرعة في كل وقت للقريب والبعيد والمقيم والغريب. ومن صفاته سماحة نفسه ولين جانبه ،فلم أشاهده في حياتي غاضباً أو متضايقاً. وقد حدثني من أثق فيه أن الشيخ السعيد كان كثير الصدقات والإحسان للفقراء والمحتاجين . مات سعيد رحمه الله لما حضر أجله ،ورحم الله القائل : إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثُلمت من الإسلام ثُلمة وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمة وموت الفارس الضرغام هدم فكم شهدت له بالنصر عزمة وموت فتىً كثير الجود محل فإن بقاءه خصب ونعمة وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمة فحسبك خمسة يُبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمة وباقي الناس في تيه ولهو وفي إيجاد هم لله حكمة ولا أظن أبا مقرن إلا واحداً من هؤلاء الخمسة – ولا أزكي على الله أحداً . ولعل ما يشهد لما قلت تلك الوفود الكبيرة والجموع الغفيرة التي حضرت الصلاة عليه ودفنه ، ولم يقتصر تقديم العزاء على أبنائه وإخوانه وأبناء عمومته فقط ؛بل كان الناس يعزي بعضهم بعضاً في موته فالحزن عام والخطب جلل وهكذا عظماء الرجال لهم في قلوب الخلق قدرٌ بقدر عظمتهم وعلو أخلاقهم . اللهم اغفر لأبي مقرن وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين ، وافسح له في قبره ونور له فيه . [email protected]