غيب الموت الشيخ أحمد إدريس ناشب فقيهي، شيخ شمل قبائل المسارحة في منطقة جازان قبل تسعة أيام فقط من دخول شهر رمضان المبارك، لتنطوي صفحة من كتاب رجل كان محباً للخير والإصلاح بين الناس. توقف قلب الشيخ بعد أن أمضى أكثر من 60 عاماً شيخ شمل على 40 قبيلة، يوم الجمعة الموافق 21/8/1432ه، وشيعته جموع من المواطنين إلى مثواه وسط موجة حزن سادت أبناء قبائل المسارحة، كونه أحد رموز المنطقة في خدمة أبنائها. وكان الشيخ فقيهي، ترجل عن هموم المشيخة قبل بضع سنوات بسبب المرض لنجله الشيخ حسين، ولكنه ظل مهتماً بشؤون القبيلة من فراشه حتى انتقل إلى جوار ربه، بل إن أكثر أبناء المسارحة الذين على قيد الحياة الآن لا يعرفون شيخاً قبله، إذ ولدوا وهو شيخ للقبيلة. وكان الفقيد على كبر قدره ومنزلته لا تراه إلا متواضعاً ليناً في التعامل، صلب في مواطن الكرامة، زاده العفة والتعفف، وشرابه الصدق والمروءة، صادق الحب والولاء لولاة الأمر منذ أن اضطلع بمسؤولية مشيخة شمل القبيلة في عهد المؤسس رحمه الله عام 1370ه، وحتى لاقى ربه راضيا عنه، وغرس هذا الحب والولاء في نفوس أبنائه من الشيوخ والعرائف التابعين له. ولم ينقل عنه، رحمه الله طيلة حياته المديدة، أي قول أو فعل يصب في غير مصلحة الوطن، وفضل رحمه الله عيش الكفاف على أن يستغل منصبه ومكانته الرفيعة في الحصول على مكاسب مادية، كما كان يحظى بمكانة رفيعة من لدن ولاة الأمر، كغيره من أبناء هذا الوطن المخلصين والأوفياء في عملهم ومسؤولياتهم. عرف الشيخ أحمد بأهميته، كونه شيخاً لمشايخ قبيلة تعد من أكبر وأعرق قبائل الجزيرة العربية، تلك القبيلة التي كانت الجدار الشامخ في وجه الطامعين في المنطقة، قبل أن يمن الله عليها بنعمة الأمن والأمان، ودخولها تحت لواء موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وقدمت تحت راية التوحيد عدداً من أبنائها شهداء دفاعاً عن الوطن في ثغوره، ودحراً لدعاة الفتنة الإرهابيين في داخله، منهم الشهيد حسن علي حنتول في جبل دخان، والشهيد حسين محه فقيهي في مجمع الأمن العام، والشهيد حسين مفرح حنتول في محافظة أبو عريش، وغيرهم من الشهداء والأبطال الذين لا يتسع المجال لذكرهم. وفي خضم هذه السيرة المليئة بشمائل هذا الرجل الذي بذل الكثير من أجل خدمة أبناء قبيلته والمنطقة، تنتظر أسرته وقبائل الفقيد لفتة تقديرية بتكريم الفقيد وكافة أبناء قبيلة المسارحة، بتسمية أحد شوارع المحافظة باسمه، تقديراً لجهوده المخلصة.