استغرب باحثون شرعيون عرض مسلسل «الحسن والحسين»، متسائلين عن الهدف من إنتاج المسلسل في هذا الوقت الذي تشهد فيه الكثير من الأقطار العربية صراعات طائفية وحزبية وسياسية. ومن جهة أخرى، رأى مشاهدون بأن المسلسل سيكون واحدا من أهم الأعمال القادرة على استقطاب المشاهدين في رمضان، منطلقين من الحلقة الأولى التي ينطبق عليها المثل العامي السائد «ليالي العيد تبان من عصاريها». عوامل النجاح المسلسل يرتكز على الكثير من العوامل التي تدفعه إلى النجاح ومنها موضوع العمل والجدة في طرح قضية الفتنة في عهد خلافة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه والذي تعرض لفتنة كبيرة حاولت النيل من سلطانه وسلطان الدولة الإسلامية، كما أن قلة المطروح من الأعمال التلفزيونية التاريخية والإسلامية في الموسم الرمضاني الراهن يصب في مصلحة المسلسل ويمنحه مزيدا من النجاح. العمل منذ إرهاصاته الأولى يدلل على مهنية عالية في التعامل من جهات الأداء ومن فريق العمل وأيضا التنفيذ الفني، ولعل جدة الأداء من «كاست» العمل منحت المسلسل مزيدا من التميز، حيث صور في كثير من بقاع الأرض كان آخرها المملكة الأردنية الهاشمية بعد أن تمت بداية التصوير في سورية منذ أكثر من عامين ثم رفضت السلطات تصوير العمل هناك فاتجه إلى لبنان، ورفض أيضا ثم مصر، التي رفضت منذ البدء فكرة تنفيذه فيها لتجسيد بعض الأسماء التي لا يجوز تجسيدها تمثيلا مثل الصحابة والتابعين، وهو الأمر الذي أكده أيضا مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في عدد «عكاظ» أمس بقوله: «لايجوز». المسلسل من إنتاج كويتي للمنتجين الكويتيين محمد العنزي الذي سبق له إنتاج الكثير من الأعمال من هذا النوع منها خالد بن الوليد وعنترة بن شداد وغيرهما، وشريكه محمد الحسيان، هذا الثنائي الذي قدم أعمالا تاريخية كبيرة في الدراما التاريخية والإسلامية. العمل تناول مرحلة صعبة في الخلافة الإسلامية وتحديدا خلافة عثمان التي تخللتها الكثير من الفتن التي أساءت للخليفة وللدين وأحدثت الانشقاقات بين صفوف المسلمين، مما يجعلنا نطرح السؤال: لماذا التطرق إلى هذا الموضوع بالذات الآن وفي هذه المرحلة. العلماء أجابوا على هذا التساؤل واتفقوا في حديث ل «عكاظ» على أن احتواء المسلسل على تفاصيل حياة الحسن والحسين ومعاوية يثير فتنة طائفية ويفتح بابا يصعب إغلاقه، فضلا عن أن أكثر مشاهديه من العوام الذين لا يدركون حقيقة ما حدث.. فإلى التفاصيل: محاذير شرعية أكد مدير مركز الفكر المعاصر الدكتور ناصر الحنيني أن عرض مسلسل الحسن والحسين مخالف للشريعة ويحتوي على محاذير شرعية عديدة، مبينا أن تمثيل الصحابة أمر محسوم بقرارات مجامع فقهية حظرت هذا الأمر. ولفت إلى أن عرض مثل هذا المسلسل فيه انتقاص لقدر الصحابة الذين حازوا المقام الأعلى بين الناس وحملوا الشريعة، إضافة إلى أنه يثير الفتنة الطائفية بين المسلمين خصوصا في هذا الوقت. تفاصيل المسلسل لكن عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور حاتم العوني الشريف، توقف عن الإباحة أو التحريم بحجة عدم الاطلاع على تفاصيل المسلسل وما يحتويه، مشيرا إلى أن إطلاق التحريم لمجرد أن فيه تمثيلا للصحابة أمر غير منطقي إذ أن هذه المسألة فيها خلاف فقهي وأدلة التحريم ظنية وليست قطعية. وأضاف «تجسيد الصحابة فيه خلاف فقهي ولا ينبغي محاربة المسلسل لأجل ذلك فقط، إلا أن يكون فيه مغالطات وأخطاء تاريخية أو إثارة لفتنة طائفية فحينئذ يكون محرما». أسباب المنع وقال المؤرخ والباحث الشرعي المعروف الدكتور محمد بن موسى الشريف: «سمعت بهذا المسلسل لكن لا أوافق أبدا على أن يظهر الصحابة في مسلسلات تلفزيونية لأسباب منها، أن الصحابة في مقام عال جدا فلا ينبغي أن يصوروا للعوام بأية صورة كهذه، ثم إن الحسن والحسين شبيهان للرسول صلى الله عليه وسلم، فالحسن شبيه في نصفه الأعلى والحسين في نصفه الأسفل، فكيف نفعل بذلك وكيف نأتي بالشبه الشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم». وأضاف «لابد أن يثار في هذا المسلسل ما دار بين معاوية والحسن والحسين، وفي عقائد أهل السنة والجماعة المنع من الحديث عما شجر بين الصحابة والكف عن ذلك». وزاد «إحياء هذه القضية في 30 حلقة لابد أن يكون فيها نقاش طويل وستترك في قلوب العامة أشياء ما كان ينبغي لهم أن يتقبلوها أو يفهموها». واستنكر أن يتولى أدوار التمثيل ممثلون يمثلون شخصيات هم أقل قدرا من الصحابة قطعا إن لم تكن شخصيات مسيئة، معتبرا أن هذه مشكلة كبيرة، مضيفا «سنفتح على أنفسنا بابا لا يغلق أبدا، فأكثر المشاهدين من العوام الذين لا يفرقون ولا يفقهون». ولفت إلى أن عرض المسلسل تكتنفه صعوبات خطيرة، مشيرا إلى أن قصة حياة الحسن والحسين ومعاوية مليئة بكثير من المشكلات والخلافات، وقال «نحن في غنى عن إثارة هذا الأمر وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكونوا في مقام رفيع في ذهن العوام جميعا فلا أرى أن ندخل في مضائق كهذه».