تشكل الأسواق الشعبية ملمحا تراثيا تحرص بلديات المدن في كل مكان على المحافظة عليها من أن تطالها يد النسيان أو الاندثار، في ذات الوقت الذي تبقى على هذا النوع من الأسواق لتذكير الجيل الحالي بها وترسيخها في الذاكرة الجمعية، وربما لهذا السبب استغرب أهالي محافظة بقيق سكوت البلدية عن تحويل سوق النساء الجديد إلى مواقف سيارات، بعد أن تعثر مشروع بنائه وتجهيزه بالخدمات لأكثر من عشرة أعوام، وسط مطالبة من صاحبات البسطات في السوق لبلدية بقيق باستكمال مشروع السوق وفقا للمواصفات الحديثة وتجهيزه بجميع المستلزمات الضرورية من مظلات ودورات مياه وأجهزة تكييف، وذلك في سبيل المحافظة على هذه الأسواق التراثية وما تحتويه من مقتنيات ثمينة من الاندثار. «أم محمد» البالغة من العمر 64 عاما، والتي تمارس البيع في سوق بقيق الشعبي منذ أكثر من 30 عاما، استبشرت وزميلاتها خيرا عندما أبلغتهن بلدية محافظة بقيق بإنشاء سوق جديد لهن في نفس الموقع مجهز بجميع الخدمات قبل عشرة أعوام، ولكنهن تفاجأن بالبلدية وهي تنشئ مظلات بدائية وبشكل غير حضاري في موقع خلف الموقع الحالي يقع بعيدا عن الشارع الرئيس، فيما رفضت البائعة «أم علي» 55 عاما، الانتقال إلى السوق الجديد غير المجهز بالخدمات مفضلة عليه البقاء في السوق القديم الذي لا تتوافر فيه أبسط الخدمات الضرورية، كحاويات للقمامة ودورات المياه والمظلات الواقية من أشعة الشمس، التي تصل درجة حرارتها إلى أكثر من 50 درجة في الصيف، مشيرة أن السوق هو مصدر رزقهن الوحيد الذي يعشن منه وينفقن على أولادهن مما يبعنه من منتجات يدوية تلقى لجودتها إقبالا كبيرا من نساء البادية والمدن. وأشارت «أم عبد الله» 50 عاما، أن النساء في السوق يبعن السمن، الإقط، الغزل الأسود والأبيض، البخور، الكحل وبعض العطورات المخلوطة والمعروفة بين نساء البادية، الحناء والبراقع المصنوعة يدويا، وشمايل وطرايد الإبل ومختلف أنواع الحبال المغزولة يدويا. من جانبه، أوضح رئيس بلدية محافظة بقيق المهندس عجب القحطاني أن عدد النساء الموجودات في السوق قليل، وبرغم ذلك تدرس البلدية إنشاء سوق جديد حسب المواصفات الحديثة داخل المنطقة المركزية وسط بقيق. مؤكدا أن البلدية في حالة التوصل إلى بناء السوق الجديد، ستزيل جميع المظلات الموجودة حاليا في السوق.