.. تهنئة صادقة لكل مسلم .. ولكل مواطن سعودي ولكل قارئ كريم بمناسبة حلول شهر رمضان الذي قال عنه رب العزة والجلال في محكم التنزيل في سورة «البقرة»: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). وفيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم». فرمضان هو شهر الصيام بالنهار والقيام بالليل.. وبذا وذاك يتحقق للمسلم النجاة في آخرته التي إليها المنتهى، فقد روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقيام يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: رب منعته الطعام والشراب بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان». وفي كتاب (وظائف شهر رمضان المعظم) للحافظ زين الدين أبي الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، تحقيق الأستاذ الدكتور عبدالملك بن دهيش: قال بعض السلف: «طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره، لما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه في ترك شهواته قدم رضا مولاه على هواه، فصارت لذته في ترك شهوته لله، لإيمانه باطلاع الله، وثوابه وعقابه أعظم من لذته في تناولها في الخلوة، إيثاراً لرضا ربه على هوى نفسه، بل المؤمن يكره ذلك في خلوته أشد من كراهته لألم الضرب، ولهذا كثير من المؤمنين لو ضرب على أن يفطر في شهر رمضان لغير عذر لم يفعل، لعلمه بكراهة الله لفطره في هذا الشهر، وهذا من علامات الإيمان». هذا وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك». وفي رواية: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي». ولهذا فإن الجزاء من الله تعالى على ذلك مغفرة ورضوان، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن رجب عن سفيان بن عيينه: «إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنة». فاللهم وفق عبادك لصيام هذا الشهر وقيامه وأدخلهم في رحمتك وهنيئاً لمن فاز برضا الرحمن بالجود والإحسان.