هي مأساة تتكرر كل عام، وفي معظم بيوت السعوديين، مأساة بكل معنى الكلمة حتى لو تم تجاوز أحداثها بنجاح في نهاية المطاف. مأساة تذكرني بما كنت أسمعه من إخواننا المصريين الذين يدرس أبناؤهم في السنة النهائية من الثانوية وكيف ترابط الأسرة كلها لكي تقدم لابنها أو ابنتها كل الدعم ليجتاز هذه المرحلة بنجاح يؤهله لدخول الجامعة وللكلية التي يريد لكن الفرق بيننا وبينهم أن لدينا «قياس» وليس لديهم قياس!! ومن هنا تأتي معاناة الأسرة السعودية! معالي وزير التعليم العالي عمل كثيرا من أجل التعليم العالي ولا يزال يعمل بنفس الروح. جامعاتنا تضاعفت أعدادها وتحسن أداؤها ونافست بعض الجامعات العالمية لكن ذلك كله لم ينه مأساة القبول في الجامعات فلا زالت تتكرر ولا زالت تشكل ضغطا عنيفا على أسرنا!! معالي وزير التعليم أكد و بحسب عكاظ 25/8/1432ه أنه وجه كل الجامعات لمراعاة وضع معايير دقيقة لقبول الطلاب ومراعاة العدالة وأكد أيضا أن المقاعد كافية لكل الطلاب والطالبات وأن الوزارة تعمل على تسهيل قبول كل الطلاب. وقال أيضا: إن الجامعات الحكومية والأهلية قبلت في حدود 90 % من الخريجين وأن أعدادا من الخريجين يتجهون عادة للكليات العسكرية وللابتعاث وللمعاهد التقنية ولعله يريد القول إن تلك الأعداد تخفض العبء عن الجامعات وبذلك يمكن استيعاب كل الطلاب والطالبات.. كنت سعيدا وأنا أقرأ هذه التصريحات لأنني ومنذ أكثر من عقد وأنا أتناول هذا الموضوع وألح عليه كثيرا لأنني أدرك أن الطالب إذا لم يجد مقعدا في الجامعة فقد يجده في مقاعد المجرمين والمنحرفين في غالب الأحوال!! ومن يلوم شابا عاطلا إذا فعل ذلك؟!! لكن تصريحات معاليه لا تكفي وحدها لأن الجامعات لا تحقق العدالة أولا ثم إن هنالك الكثيرين والكثيرات ممن لم يقبلوا في الجامعات حتى كتابة هذا المقال ثانيا سأختصر كثيرا بحسب المساحة المتاحة للمقال فأقول إن العدالة تقتضي أن تلتزم كل الجامعات بالنسبة التي تخصصها لمعدل الطالب في الثانوية ثم القدرات والتحصيلي وهذا ما لم يحصل!! وأهمية ذلك أن القياس هو الذي يؤثر سلبا على معدلات الخريجين فمثلا جامعة الملك فهد تخصص للثانوية 20 % والباقي للقياس والتحصيل أما جامعة الدمام فتجعل نسبة الثانوية 40 % والملك عبد العزيز 50 % والرياض 60 % وبطبيعة الحال الباقي للقياس والتقويم وهذا يعني أن القبول في جامعات الرياض أسهل بكثير من الجامعات الأخرى فكلما زادت نسبة الثانوية كان الأمل في القبول أكثر .. ومن هنا كان لابد أن تتدخل الوزارة لإعادة النظر في النسبة التي تعتمدها الجامعات للثانوية العامة لأنها الأهم وكلما زادت كان ذلك أكثر لتحقيق العدالة لأن اختبار القياس لا يمكن أن يكون قياسا لقبول الطالب في الجامعة وقد يصلح أن يكون مؤشرا لا أكثر فلو خصص له 20 % لكان ذلك كافيا أعرف معالي الوزير أن هنالك طلابا من الجنسين تتراوح معدلاتهم الدراسية مابين 90 96 % ومع هذا لم يقبلوا بسبب القياس وإذا كان عدم قبول الطالب يشكل مشكلة لأسرته فإن عدم قبول الطالبة يشكل مشكلة أكبر لأن كل الأسر تجد صعوبة بالغة في تسجيل بناتها في مناطق غير التي يسكنون فيها. معالي الوزير: ألمس أنكم أب لكل طالب وطالبة ومن حق هذه الأبوة أن تجدوا لكل ابن مقعدا في الجامعة وبشكل مريح خاصة لبناتكم الطالبات اللاتي نعرف جميعا ظروف المجتمع الذي يعشن فيه .. الجامعة خير للجميع من أماكن أخري لا تحمد عقباها. * كاتب وأكاديمي سعودي