عندما انطلق «ملتقى البحر الصيفي» قبل عدة أعوام، وضع أمامه لتنفيذ نشاطاته وبرامجه مواكبة العصر ومستجداته، والحرص على تحقيق الفائدة والرفاهية لزائريه. وفوق ذلك كله؛ وضع القائمون على الملتقى نصب أعينهم نشر ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح، والحفاظ على الهوية الإسلامية، والاندماج العولمي بقالب وسطي معتدل يتواكب مع ظروف العصر ومتغيراته، كما يؤكد ذلك مديره الدكتور مسعود القحطاني الذي أوضح أن تلك القضايا تنطلق من رؤية بناء مجتمع فاعل يشغل فراع الشباب والأسرة ببرامج هادفة ومفيدة، ويرفع مستوى الوعي بكل جوانبه. ومع أن الملتقى ابتعد عن شاطئ البحر (غرب جدة) بعدة كيلو مترات، وانتقل بعد انقطاع ثلاثة أعوام إلى مركز الملك عبدالعزيز الثقافي في أبرق الرغامة (شرق جدة)، إلا أنه احتفظ بمسماه «ملتقى البحر الصيفي». وكنت أظن بعد انتقال الملتقى وأثناء حضوري له برفقة مجموعة من الإعلاميين والصحافيين والكتاب إلى الملتقى بدعوة من المشرف على اللجنة الإعلامية والأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن السلمي، أن رتابة ستخيم على الملتقى من ضعف في الحضور وقلة في همة العاملين فيه، ولكنني فوجئت أن الملتقى خسر مجاورة «الشاطئ» ولكنه لم يفقد مرتاديه، خاصة أنه انتقل من جوار «البحر» وكثرة المصطافين من داخل المدينة وخارجها وتحديدا الشباب إلى أقصى «البر»، أو بمعنى إلى مكان أشبه ب«البري» بعيدا عن صخب الكورنيش وكثرة الأعداد، ولكنه العكس ما حصل، إذ كان عدد الزوار يفوق تقديراتي والإعلاميين معي، وكانت أعداد هؤلاء الزائرين في المعارض والأنشطة المصاحبة أكثر من البرنامج الرئيسي الذي يتضمن محاضرات لمشايخ لهم وزنهم وثقلهم في المجتمع، وهو ما يفسره الدكتور مسعود القحطاني بأن «المميزات الجميلة للملتقى ارتباطه بأذهان الناس بالمتعة والفائدة والترفيه الهادف والبناء، مما جعله أكثر إقبالا، وخاصة من زائري جدة من مختلف مناطق المملكة». ولكن المشرف العام على الملتقى ومدير إدارة الأوقاف والمساجد الشيخ فهيد البرقي يؤكد أن المقر البري الجديد «حتم علينا أن تتوافق برامجنا مع طبيعة مركز الملك عبدالعزيز الثقافي وتجهيزاته، وتكثيف البرامج التدريبية، والاهتمام بمسرح الطفل والأنشطة المسرحية المتنوعة، ووضع مساحة أكبر للمعارض المشاركة من عدة جهات، والتي حاولنا من خلالها كسر رتابة البرنامج العام وحدته». وفي الوقت الذي يوضح فيه الدكتور مسعود القحطاني أن الملتقى حاول التركيز على البرامج النسائية التي بدأت الخميس الماضي وتختتم الجمعة ببرامج متكامل بنفس حجم البرنامج الرجالي، إلا أنه يوضح أن «قسم التدريب» من الأقسام المهمة التي «حرصنا على الاهتمام بها، حيث استهدفنا تدريب 2000 شخص في مدة إقامته، بتدريب شمولي لجميع فئات المجتمعات وبكل الأعمال، شملت الداخلين في سوق العمل، والمتقاعدين، والأطفال (من سن 12 15)، والمراهقين، والمعلمين، وحتى المدمنين لهم نصيب من التدريب». ولم ينس القحطاني تقديم شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز على رعايته الملتقى ودعمه وتشجيعه للقائمين عليه على إبراز الجوانب الحقيقية لتماسك المجتمع وخدمته، ولأمانة مدينة جدة على استضافتها الملتقى في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي، ولكل العاملين والرعاة الذين ساهموا في إنجاحه بشكل يستحق التقدير لأبناء المملكة الذين يقدمون خدماتهم للمجتمع والوطن.