اطلعت صباح اليوم على الغطاء الخارجي لمقصورة ركاب البوينج 787 الجديدة بالكامل، والتي ستحصل عليها خطوطنا قريبا. ووجدته غريبا لأنه الأول من نوعه في عالم الطيران. أكثر من نصف ذلك الغطاء هو عبارة عن «سندويتشات» كربونية. وهذا التشبيه ليس مبالغا فيه لأن أجزاء كبيرة من ذلك الغطاء هي عبارة عن توليفة طبقات كربونية يتم «طبخها» بداخل أفران عملاقة. يطبخونها في مصانع اليابان لتخرج في هيئة «براميل» عملاقة، ثم يتم نقلها بالطائرات يوميا إلى مصنع البوينج في أقصى غرب الولاياتالمتحدة. وهذه تقنيات جديدة بالكامل في التصميم، والتصنيع، والنقل. وتهدف هذه التقنيات إلى تغليف الطائرة الجديدة بمواد خفيفة جدا، وقوية جدا، واقتصادية. وفي السابق كانت بعض المعادن الأساسية لكل هذا هي الألمونيوم والتاتينيوم نظرا لقوتها وخفة وزنها ولكنها لا تضاهي التركيبة الجديدة. وإن كانت الأغطية الجديدة مفاجئة للبعض نظرا لمكوناتها البسيطة، ففضلا انظر في غطاء المكوك الفضائي الذي يمثل أفضل درجات الحماية في عالم الطيران والفضاء. يتحمل هذا الغطاء درجات حرارة تفوق ضعف حرارة نار «الدافور» وأكثر من أربعة أمثال درجة حرارة الفرن في مطبخك. درجات حرارة حول المكوك ممكن أن تصل إلى ما يعادل ثمن درجة حرارة سطح الشمس. وكل هذا بسبب الاحتكاك الرهيب بطبقات الهواء المختلفة حول الأرض، ومن مسببات الحرارة الرهيبة أيضا التعرض لأشعة الشمس الحارقة في الفضاء الخارجي. ولو انتقلت هذه إلى داخل هيكل المكوك فستنصهر المكونات المعدنية أسرع من الفترة التي تستطيع أن تقول «يا أمان الخائفين». ومن جانب آخر تتحمل أيضا غطيان المكوك درجات برودة تفوق ما تجده بداخل «فريزر» ثلاجة منزلك بمراحل. وتحديدا فتصل درجة سطح المكوك إلى أقل من مائتي درجة مئوية تحت الصفر بسبب بيئة الفضاء الخارجي. وفي بداية برنامج المكوك الفضائي، تأخر التنفيذ لفترة أكثر من ألف يوم لعدة أسباب رئيسة وفي مقدمتها كان تصميم وتصنيع منظومة الحماية الحرارية. وأخيرا تم استخدام منظومة تشمل أربعة وعشرين ألف «بلاطة» مختلفة الحجم يتم تلصيقها على طبقة عازلة على جسم المكوك. الطريف أن هذه البلاطات التي تحمي المركبة الفضائية بإرادة الله مصنوعة من الرمل، ومادة السليكون هي إحدى أهم مكوناتها. ومتوسط مساحة كل منها يعادل حوالي نصف مساحة الصفحة التي تقرؤها الآن وأما متوسط سمكها فيعادل نصف طول هذا العامود. أمنية وهناك ما هو أهم من كل هذا، فالجانب الإنساني للأغطية هو الأهم، ولا بد أن نتذكر أن هناك الملايين من البشر مثلي ومثلك ولكنهم يعانون من عدم وجود الأغطية الكافية واللائقة صيفا وشتاء. من يحمي هؤلاء الناس من قسوة الطبيعة؟ أتمنى أن نستطيع أن نساعدهم في الحصول على المساعدات الإنسانية وخصوصا في فلسطين. والله من وراء القصد.