لكل من تابع روعة إطلاق آخر مهمة للمكوك الفضائي «أطلانتس» سيلاحظ أن مفهوم الزمن له فلسفة خاصة، جدا في منظومة الرحلة. وتحديدا ففي منظومة الاستعداد النهائي للانطلاق بحد ذاته، نجد أن الأربعين ساعة تعادل حوالي سبعين ساعة فعلية بسبب التوقف المتكرر قبل ساعة الصفر، وتحديدا يتوقف توقيت الرحلة في سبع نقاط حرجة يتم من خلالها تقويم العديد من التجهيزات، وبعض من رؤوس أقلامها كالتالي: أولا: التأكد من سلامة أنظمة الطيران والملاحة بداخل المكوك. ثانيا: تبريد الخزان الرئيس العملاق؛ ليصبح ثاني أبرد مكان في العالم، حيث تصل درجة الحرارة أثناء التعبئة إلى حوالي 253 درجة مئوية تحت الصفر، وذلك تجهيزا لتزويده بغازي الأوكسجين والهيدروجين السائلين. ثالثا: تعبئة الخزانات تحت منصة الإطلاق بحوالي مليون لتر من الماء ما يعادل ثلاثة ملايين علبة «فيمتو». وذلك تجهيزا لامتصاص كمية الطاقة الهائلة الناتجة عن إطلاق المركبة، وما تشاهده من «دخان» ناصع البياض عند الإنطلاق هو في الواقع بخار الماء الناتج عن كمية الطاقة الرهيبة النابعة من الصواريخ. رابعا: تحليل آخر أحوال الطقس وإخلاء المنصة، والتنظيف النهائي لداخل المركبة. خامسا: تعبئة الوقود في الخزان العملاق بحوالي مليون وتسعمائة ألف لتر ما يعادل حوالي خمسة ملايين علبة «بيبسي» من الغازين السائلين (أوكسجين وهيدروجين). سادسا: دخول رواد الفضاء إلى المركبة وإكمال تجهيزات الإطلاق الداخلية والخارجية. سابعا: تحويل الحواسيب بداخل المركبة وفي مقر القيادة إلى وضعية الانطلاق وتشغيل المحركات الأساسية استعدادا لتشغيل الصواريخ الداعمة. كل هذا يتطلب حوالي 43 ساعة، ولكن بعض من المراحل السبع تتطلب توقف يستمر لأكثر من عشر ساعات ريثما تنتهي فرق العمل المختلفة من إعداد مراحل بدء الرحلة، علما بأن إعداد المركبة للرحلة بأكملها تتطلب شهورا. وفلسفة «استنى» هي في جوهر الاستعداد للانطلاق. ولكن هذه الفلسفة ليست مقصورة على تقنيات الفضاء فحسب، فهناك بعض الجوانب التاريخية المهمة جدا، ففي إنجلترا مثلا قامت الدنيا وقعدت عام 1754 عندما تم الالتزام بالروزنامة الجريجورية للتماشي مع النظام العالمي الجديد. المشكلة هي أن التحويل سلب إنجلترا بأكملها أحد عشر يوما. أمنية يجرى حاليا التفاوض الدولي حول تعديل الثواني في عالمنا؛ لأن اليوم لا يحتوي على 86400 ثانية بالضبط، فهناك واحد على الألف من الثانية إضافية يوميا، وهي تتطلب تضبيطات من هنا وهناك بإضافة «ثانية كبيسة» كل حين وآخر، ولذا فيوجب على العالم كله أن «يستنى». ولا مانع من انتظار الظواهر الفلكية، ولا الاستعدادات الهندسية المعقدة في الرحلات الفضائية، ولكن بصراحة معظم التعطيل الذي نعاني منه يوميا لا داعي له. أتمنى أن لا «نستنى» ما يمليه علينا تقاعس أو إهمال البعض. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة SMSإلى 88548 الأتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة