تقدم إلى هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية ولي أمر يشكو أبناءه ويتهمهم بالتقصير، وبعد دعوة كل الأطراف ودراسة الوقائع والحيثيات وتفاصيل الشكوى، تبين أن الأب يعاني أزمة نفسية وبموجبها منح القضاء الشرعي حق ولاية الابن على أبيه، هذه واقعة من وقائع كثيرة نظرتها الهيئة في سياق قضايا العضل والعنف والحرمان من الأوراق الثبوتية. ويكشف ل«عكاظ الشباب»، المشرف على مكتب هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية إبراهيم عسيري عن 54 قضية أسرية وصلت لمكتب الهيئة وتنظر بواسطة جهات الاختصاص الشرعي في المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الحالات والقضايا تركزت في صور للعضل وأكثرها الخلافات على الأوراق الثبوتية التي يرفض أولياؤهم منحهم إياها، ويضاف لذلك تسع حالات تقريبا للعنف الأسري المباشر عولجت منها قرابة ثماني حالات. خارج المحاكم ويشير إبراهيم عسيري إلى أن لجنة إصلاح ذات البين في مكتب الهيئة نجحت حتى اللحظة في تسوية خلافات حدثت بين آباء وأبنائهم، وسجلت اللجنة نحو 44 حالة ونجحت في تسوية النزاعات قبل وصولها إلى قاعات المحاكم. في المقابل، يشرح رئيس اللجنة العليا لإصلاح ذات البين في إمارة المنطقة الشرقية أحمد العصيمي الآلية العملية للجنة ودورها في حل القضايا المتمثلة في مقاضاة الآباء لأبنائهم في المحاكم بدواعي العضل والعنف وعدم دفع النفقة، وغيرها من القضايا الأسرية التي ترد إليها من عدة لجان في محافظات المنطقة الشرقية، حيث تتسلم اللجنة الشكاوى عن طريق أصحابها أو تقدم إلى الجهة المختصة مباشرة وتحال أغلبها إلى اللجنة العليا لإصلاح ذات البين لدراسة الوضع والسعي في الصلح، وفي بعض الحالات ترفع الأوارق مباشرة إلى اللجنة أو الإمارة. عضل أو عقوق ويوضح أحمد العصيمي «أبرز القضايا التي تردني مباشرة هي القضايا الأسرية بمختلف أشكالها، مثل نزاعات التركات والورثة، وكذلك قضايا العضل من بعض أولياء الأمور الذين يمتنعون من تزويج بناتهم، إذ تلجأ الفتاة للمحاكم، ويعتبر المجتمع تصرف الفتاة وكأنه شكل من أشكال العقوق». وألمح «وجود اللجنة خطوة لتسهيل عملية تقديم الفتاة لشكواها ضد والدها وتظلمها، وبحكم طبيعة عملي قاضيا في المحكمة العامة في الدمام، فإنه عندما تتقدم فتاة من هذا الباب وتدعي عضل والدها، فإن النظام يقضي بكتابة صحيفة للدعوى وإحضار والدها عبر محضري الخصوم، ويحدد له موعد للجلسة، وبهذا يكون الأمر في غاية الحرج والتأثير على نفسيته». ويستدرك العصيمي قائلا «في هذه الحالة، وعند تقدم الفتاة بدعوى ضد والدها، أعمد إلى مهاتفة والدها بصورة مباشرة، وأطلب منه الحضور دون رفقة ابنته، وندخل في حوار هادئ يتم خلاله إقناعه بتزويج ابنته، هذا ما تعودنا عليه في مجتمعنا المحافظ». وجهات نظر وعن إمكانية اتحاد وجهات النظر بين اللجنة العليا وجمعية حقوق الإنسان والهيئة يقول العصيمي إن جمعية حقوق الإنسان هيئة واحدة تعمل في جميع مناطق المملكة وجهودها كبيرة، وليس هناك ما يمنع التعاون معها لأنها تسعى إلى إيجاد الحلول السليمة والسريعة مما يعانيه المجتمع من بعض الإشكاليات «لكن الذي أراه أن تبقى اللجنة مستقلة بحيث يكون عملها أكثر وأشمل عندما تستقل، وهي في الأساس تعمل تحت مظلة إمارة المنطقة الشرقية». وزاد: تعمل اللجنة على استقطاب كوادر متخصصة للبحث في القضايا التي ترد والسعي في حلها، كما تتولى اللجنة حل بعض القضايا عن طريق الاستعانة بالدعاة ومشايخ القبائل والجيران والأقارب وكل من يملك تأثيرا على أطراف الدعوى أو الشكوى. الإعلام متهم وفي سؤال عن حجم القضايا التي ترد للمحكمة العامة في المنطقة الشرقية للشيخ إبراهيم السياري رئيس المحكمة العامة، أكد «لا توجد إحصائية دقيقة تصنف القضايا التي ترد إلينا، وهذا نابع من سبب جوهري وهو أن هذه أسرار عائلية يحجب بعضها عن الظهور وتبقى في طي الكتمان في ملفات المحاكم»، محملا الإعلام سبب تصعيد مثل هذه القضايا التي تتعلق بالآباء والأبناء «بل إن بعض الوسائط الإعلامية تزيد منها وتهول بعضها، مما يضع كثيرا من الآباء وأولياء الأمور في حرج بالغ أمام مجتمعاتهم». وأضاف أن من الأسباب التي جعلت هذا النوع من القضايا تزداد في المحاكم ضعف الوازع الديني والأخلاقي وغياب التوعية، وأغلب هذه القضايا تتعلق بالنفقة وسوء المعاملة من عنف وهجر للأبناء.