علينا أن نواجه أنفسنا بالسؤال: إلى أي مدى نحن نمحض الوطن الحب الحقيقي الذي يجب أن نمحضه له ويستحق أن نمحضه له ؟. أخشى أننا لا نعطي الوطن حقه الذي يستحقه من الحب والإخلاص، وإذا كنا نظن أن التغني بهذا الحب والتفاخر الشفاهي به يكفيان للتعبير عن الحب والانتماء للوطن، فإننا بذلك نرتكب خطأ فادح. إن حب الوطن يتجلى في العمل على رفعته وتقدمه بإخلاص وتفان دون من أو انتظار مكافأة على هذا العمل أو هذا الشعور. وأكاد أزعم أن هناك نقصا فادحا في تربيتنا الوطنية يمكن بهذا المعيار أن نلمسه في الكثير من سلوكياتنا وأفكارنا وميولنا العاطفية، ولنكون أكثر صراحة ووضوحا ألا نجد بيننا من يطغى انتماؤه القبلي أو الجهوي على انتمائه للوطن الكبير ؟. ولا نجد بيننا الواسطة والمحسوبية في العمل والخدمات ؟. ألا يوجد من يرتشي ؟. ألا يوجد من يفضل البطالة على العمل بسبب نظرته الاستعلائية والسلبية لبعض الوظائف والمهن ؟. ألا يوجد من يمارسون البطالة المقنعة فيقبضون رواتب وظائف لا يؤذونها حقها، ويتسيبون ؟. وماذا تسمي مثل هذه الممارسات وغيرها إذا لم نسمها عقوقا في حق الوطن ؟. إن الشخص الذي يقدم مصلحته الشخصية الخاصة، مهما تعارضت مع مصلحة وطنه أو مصالح مجتمعه لم يتلق تربية وطنية تعصمه من هذا العقوق في حق الوطن، وكلنا يعرف أن التربية الوطنية إنما تبدأ في البيت منذ الطفولة، وقبل أن يدخل المدرسة، وإنها يجب أن تستمر في كل المراحل التعليمية بما يتناسب والمرحلة العمرية للطالب.. إلا أن الأساس فيها يبدأ بالأسرة حيث تغرس في وجدان الطفل في شكل قيم أخلاقية معينة. فهلا جعلنا من هذا الشهر الفضيل مناسبة لوقفة مع الذات. وبالله التوفيق. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com