يواجه المجتمع في مثل هذه الأيام من كل عام معضلة قبول الطلاب والطالبات في الجامعات والكليات، حيث يتم قبول الأعداد المحددة لكل جامعة وكلية، ولكن يبقى خارج هذا النطاق أعداد من الخريجين والخريجات في الثانوية العامة لا تتوفر لهم مقاعد جامعية، وتصدر التوجيهات بقبول جميع الطلاب والطالبات، ومع ذلك نجد شكوى متواترة من آباء وأمهات ضاقت عليهم وبهم الجامعات والكليات فأخذ كل واحد منهم يلتمس الوساطة عند من حوله دائرا بملف ابنته أو ابنه متسائلا: هل تعرف أحدا في الجامعة. فهل عدم قبول «الجميع» يعد تقاعسا عن تنفيذ التوجيهات، أم أن العاملين في الجامعات يواجهون ظروفا أقوى منهم تجعلهم غير قادرين على استيعاب جميع خريجي وخريجات الثانوية العامة في كل عام؟!. إن من يحاور أي مسؤول جامعي في بلادنا يجده يؤكد على أنه لا توجد جامعات في أي بلد في الدنيا تقبل جميع من يتخرج سنويا في الثانوية، فما مدى صحة ما يقوله أولئك المسؤولون في الجامعات؟، وإذا كان كلامهم صحيحا فإلى أين يوجه العدد الفائض من خريجي ثانوية تلك البلدان الذين لا يقبلون في جامعاتهم؟، هل لديهم بدائل توازي التعليم الجامعي في أي مجال من المجالات التي تحتاجها سوق العمل أم أنهم يتركون أبناءهم وبناتهم الذين واللائي لم يقبلوا في الجامعات فريسة للفراغ والإهمال ليسهروا في الليل ويناموا في النهار وما تبع ذلك من ضياع وانحراف؟! وإذا كانت الإجابة بأن الدول التي لا تقبل جامعاتها جميع الخريجين والخريجات قد وفرت البدائل لأبنائها بحيث لا يتبقى شاب ولا فتاة إلا وله ولها مقعد جامعي أو مقعد دراسي أو تدريبي موازٍ للتعليم الجامعي، فما هي البدائل المتوفرة لدينا التي يمكن بها مواجهة شكوى من لم يقبل ابنه أو ابنته في الجامعة، بأن عليه الاستفادة من البدائل المتاحة والكافية؟ هل يمكن لمسؤول في التعليم العالي أو في أية جهة تسمية تلك البدائل التي لا تجعل لأي طالب أو طالبة أي عذر في التشكي من عدم توفر مقعد جامعي له أو لها، وتضمن لأولياء أمورهم ألا يهيموا على وجوههم بحثا عن وساطة لقبول ابنهم أو ابنتهم في أي قسم جامعي حتى لو لم يكن ذلك القسم ملبيا لتطلعات وطموحات ورغبات ذلك الابن أو البنت؟!. لقد تمت زيادة أعداد الجامعات إلى أكثر من ضعف عددها خلال السنوات الماضية، ومع ذلك ظلت الشكوى قائمة من تعذر قبول أعداد من خريجي الثانوية العامة، في ظل عدم وجود بدائل مناسبة أو حتى غير مناسبة، لذلك فإن أحدا لا يمكن له لوم آباء وأمهات الذين لم يقبلوا في الجامعات على تلمسهم للوساطات؛ لأن في الأمر خللا حادا لم تتم معالجته.