أبشروا أيها الطيبون من المواطنين والمقيمين.. بدأ التجار الوجهاء يتنافسون في الإعلان عن تخفيضهم لأسعار منتجاتهم في السوق بعد الدعم الملكي القاضي بزيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها!.. حيث ظهرت الإعلانات في الصحف تتبارى في عبارات الغزل للجمهور بمحاباته... والتقرب منه! شيء يسر الخاطر لا شك .. إنما أين كانوا قبل ذلك؟! فمن رفع الأسعار.. غير عابئ بالناس هو الذي قام بتخفيضها، يعني المسائل بأيديهم من قبل ومن بعد.. لا تخضع لموازين محددة.. بل لرغبات خاصة وقيادات تجارية همها الربح المضاعف وما عدا ذلك لا يعنيها طالما أن النظام التجاري لا يملك قوة المنع والزجر، أما حماية المستهلك فهي موجودة إنما في غرف النوم نائمة!! الملاحظ أن بعض من قاموا بنشر إعلاناتهم الفرايحية عن تخفيض أسعارهم استخدموا عبارات ترضي الجمهور وتدلله فيقولون له إنهم حريصون على المصلحة العامة وسيوظفون كل هللة من الإعانة الحكومية لصالح المستهلك وليس لجيب المنتج! والله شيء يسر الخاطر! هل حقا هذا هو الاتجاه الجديد فهل يعني أنهم كانوا من قبل يمشون عكس الاتجاه إلى أن جاء اليوم! هذه الإعلانات الرنانة بقدر ما هي بشائر خير تحمل أيضا في مضامينها تساؤلات معلقة إذا كانوا اليوم فقط فكروا بمصلحة المستهلك والمصلحة العامة هل ينبغي عدم محاسبتهم على ما كانوا عليه بالأمس؟! أن تنشر إعلان براءة يتجه نحو الغد لا يعني أن الأمس ليس في الحسبان فالذين تسابقوا لنشر إعلاناتهم المبشرة بخفض الأسعار لم يفكروا قبل نشرها أنهم يقدمون للجمهور دليل إدانتهم!! كما أن الصياغة الواردة في الإعلانات وما فيها من مبالغة.. في تدليل الجمهور تدل على الاستخفاف بالعقول وتقوم على اعتبار أن المستهلك يصدق كل شيء! ولا حماية له حتى من وعيه الذاتي لذا يسهل بعبارات إنشائية تقديم جرعات وافية من السعادة له! بينما في الحقيقة لم يكن الأمر يستدعي الإعلان إلا إذا كان إعلان اعتذار وليس دعاية وتسويقا وتقديم الصورة المنافية للجشع والطمع!! بعد أن كان ما كان!! وفيما يبدو أن التنافس بين التجار ليس على الجودة إنما على الأسعار!! مين يرفع الأسعار قبل الثاني ومين يخفض قبل الثاني! والسوق التجارية أصبحت تحكمها عوامل غير منظورة منها «الغيرة» بين المنتجين والتحدي بينهم! وهي عوامل غير التنافس الشريف! فالغيرة لها معنى والتنافس له معنى مغاير تماما! مثلا شركات الألبان دافعت عن رفع أسعارها أمام وزارة التجارة بقولها لماذا وزارة التجارة عجزت عن الشعير والسكر والأرز وجاءت تتحكم في الألبان!! وهكذا الجمهور خارج النطاق فلا أحد يعنيه همومه!! ولا سقف يظلل حمايته من الغلاء الفاحش ومن الجشع والطمع، لذا قام هذا الجمهور العريض بالدفاع عن نفسه وأعلن مقاطعة المنتجات المرفوعة أسعارها بين عشية وضحاها.. وقد يكون اللبن بلا بدائل.. لكن الشركات لها بدائل!! فبدلا من لبن «عين».. يأتي لبن «نون»! باختصار اللعب على الجمهور زمنه ولى!!.