رغم حرارة الأجواء في جدة هذه الأيام، التي أجبرت المدينة على العيش بهدوء نهارا، عدا من سيارات الموظفين الذين لم يتمتعوا بإجازاتهم السنوية، إلا أن هنالك عددا لابأس به سواء من الشباب أو العوائل، ممن يفضلون قضاء بعض أوقاتهم في المناطق البرية المحيطة بجدة بعيدا عن ضجيج شاطئ العروس، واحتفالات مراكزه التجارية الصاخبة. درجة الحرارة التي تجاوزت 40 درجة مئوية خلال بعض أيام الأسبوع الماضي، لم تقف عائقا أمام أولئك العاشقين للبر، بل إنهم فضلوا الخروج جماعات ووحدانا للاستمتاع بهدوء الصحراء، في حين فضله البعض لممارسة التطعيس على الرمال، تلك الهواية الخطرة المرعبة، التي تستهوي عددا لا بأس به من شباب المملكة في مختلف المناطق والمحافظات. حسن تنكر، أحد شباب جدة الذي يفضل البر من فترة لأخرى للاستمتاع بجماله الساحر، وهدوئه الخلاب تحدث ل«عكاظ» قائلا «بالتأكيد أن أهل جدة يعشقون البحر منذ نعومة أظافرهم، ولكن للبر مزايا من يكتشفها يعلم أسباب توجه الشباب إلى هنالك، حتى في أجواء الصيف الساخنة». ويستطرد «خلال الأيام العادية أفضل مع أصدقائي التوجه إلى الكثبان الرملية (الطعوس) الواقعة بين جدةومكة، مرة في الشهر لممارسة التطعيس على الرمال خلال فترة العصر، ومن ثم الجلوس أمام الحطب المشتعل بعد سكون الليل حتى ساعة متأخرة، أما في فترات الإجازة ونظرا لحرارة الجو، فإننا نصل إلى هنالك تقريبا قبيل العصر بساعة، وبعد أن تنخفض درجات الحرارة نتسامر على ضوء القمر حتى منتصف الليل». ويتفق عبدالله الصبحي مع تنكر ويقول «قدمت من محافظة بدر (300 كلم شمالي جدة) لقضاء الإجازة برفقة عائلتي في جدة، وذهبنا خلال الأسبوعين الأولين إلى الكورنيش البحري والمراكز التجارية، حيث الصخب والضجيج يصل إلى أقصى درجاته، ومع كثرة زيارات تلك المواقع أصابنا الملل وقررنا اليوم (الخميس) خصوصا بعد أن زالت موجة الحر الشديدة التي داهمت جدة مطلع الأسبوع الماضي، أن نجرب البر وبعد الاتصال ببعض الأصدقاء والأقارب لأخذ رأيهم حول المواقع الأفضل، اتفق أغلبيتهم على الكثبان الرملية التي تقع بين جدةومكة، ويمارس فيها الشباب هواية التطعيس خلال النهار». ويضيف «وصلنا إلى هنالك قبل المغرب بساعة، وكانت الأجواء مناسبة للغاية، حيث استأجرت دبابا صحراويا للأبناء مارسوا من خلاله التطعيس، وما زلنا ماكثين هنا خصوصا أن الأجواء الليلة تشهد الآن اكتمال القمر بدرا مما يشجعنا على البقاء». وتعد الكثبان الرملية التي تقع على بعد 40 كلم شرقي جدة على طريق مكةالمكرمة، أحد الأماكن المفضلة للسياح وشباب جدةومكة، على السواء لممارسة التطعيس هنالك، حيث يمكن لمن يريد تجربة التطعيس بدل المشاهدة فقط، أن يستأجر دبابا صحراويا لا تتجاوز قيمته المائة ريال في الساعة، ليستمتع برفقة أبنائه بتلك الهواية الخطرة. ورغم جمالية تلك الكثبان الرملية إلا أنها ليست المكان الوحيد المخصص لعشاق البر، حيث يمكن للمصطاف الاختيار بين عدد من المواقع الصحراوية في أطراف جدة، ومن أهمها الحرة الواقعة شمالا، خلف محطة الرحيلي، والمتميزة بالعلو الشاهق، وقدرة حتى السيارات الصغيرة على الوصول إليها بكل يسر وسهولة. فيصل البقمي الذي التقته «عكاظ» هنالك قبل أن يبدأ بوضع براد الشاي على كومة الجمر المشتعلة برفقة اثنين من أصدقائه قال «هذا الموقع جميل للغاية خصوصا بعد غروب الشمس، حيث يمكن لك من هذا الموقع الشاهق الارتفاع، الاستمتاع بالمناظر الخلابة لأضواء شوارع عروس البحر الأحمر، والتي لا تسر الناظرين للمارين في قلب شوارعها خصوصا خلال هذه الأيام». ويضيف «هذه الحرة المرتفعة تتميز بالهواء النقي القادم من الشمال، بعيدا عن الملوثات الصناعية، وارتفاعها أدى إلى اعتدال جوها بشكل لافت في جدة، إضافة إلى سهولة الوصول إليها، فهي تبعد ما يقارب ال20 دقيقة بالسيارة من وسط جدة». ويمسك صديقه أبو يارا بطرف الحديث قائلا «في الحقيقة أن ضجيج جدة وكثرة السيارات وزحام الشوارع أصابنا بالصداع، ولذلك اتفقنا أن نلتقي هنا مساء اليوم للاستمتاع بالأجواء البرية، والهواء المنعش خصوصا مع اكتمال القمر هذا المساء الذي يحفز عشاق البر على ارتياده بكثرة». ويستطرد «أتمنى من الأمانة الاهتمام أكثر بالمنتزهات البرية بدل التركيز على البحر والمراكز التجارية فقط، خصوصا أن أطراف المحافظة تحتوي على العديد من المناطق ذات المقومات البرية، التي يمكن تحويلها إلى متنزهات رائعة أشبه بمتنزه الثمامة في الرياض «الذي يرتاده الآلاف حتى من بعض دول مجلس التعاون».