قد لا يشعر العديد من الذين لديهم سيارات خاصة في عالمنا العربي عموما بمعاناة الذين يستخدمون في مواصلاتهم سيارة الأجرة على وجه التحديد، فهذه الخدمة المنظمة في دول العالم الأول تنظيما لا يدع مجالا للاجتهادات والمهاترات، تعاني على الرغم من أهميتها ومن كونها واجهة سياحية أساسية، من الفوضى والتسيب والإهمال، وقد يعمل فيها من لا يستحقون أن يكونوا من أبناء هذه المهنة الشريفة النظيفة، وهنا الأمر ينطبق على طائفة سيارات الأجرة في بلادنا حيث لا يوجد عداد لسيارات الأجرة مع وجود نظام وضع من قبل وألزم به قائدو الأجرة ولكنهم خربوا «العدادات» واستمروا في مفاوضة الراكب حول الوجهة والمشوار وكل ذلك يتم في عرض الشارع حتى يتعطل المرور ريثما تنتهي المفاوضات والمحادثات الجانبية بين الطرفين بالاتفاق أو الاختلاف. وهكذا تستمر الصورة فلا مواقف محددة لسيارات الأجرة لا يسمح بتوقفها في غيرها ولا نظافة ولا خلق ولا أمانة في بعض الأحيان، والأجرة الخاصة أسوأ في هذه الأمور من الليموزين وحتى في الدول العربية التي توجد في سياراتها عدادات «شغالة» فإن قائدها يدخل في نقاش ومفاوضات مع الركاب لاسيما إن كانوا سياحا جاؤوا إلى بلده في شهور الصيف أو الربيع فيصبح سعر المشوار عن طريق المفاوضات الجانبية والمحادثات الثنائية ضعف أو أضعاف السعر الرسمي المسجل على شاشة العداد، ويقال للسائح إن عليه الشكوى لرجال المرور في حالة تعرضه لتصرفات سائق أجرة يطالبه بأكر مما هو مسجل في العداد من رسوم، ولكن الفساد المستشري في الشارع قد يجعل المرور يتجاهل شكوى الراكب ويصد عنه كأن في أذنيه وقرا، قائلا له بينه وبين نفسه: «حل عني الله يخليك !!».. ومن طرائف ما بلغني عن قائدي سيارات الأجرة أن سائحا زار بلدا عربيا واتفق مع سائق تاكسي على إيصاله إلى موقع معين بمبلغ معين، فلما وصل وأخرج له المبلغ المتفق عليه نزل السائق وأخذ بخناق الرجل وقال له: هذا حق السيارة فأين حقي؟، ونظر الرجل يمنة ويسرة فلم يجد أحدا حوله يستطيع الاستغاثة به مع وجود العديد ممن كانوا في الموقع ولكن لم يحركهم ما جرى أمامهم فتذكر الراكب قول المتنبي: إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا فآثر السلامة على الندامة ودفع للسائق مبلغا آخر وهو يعتذر له عن سوء الفهم!.