يبدو أن الحروب غير المعلنة بين الصحافتين الكلاسيكية الورقية من ناحية والالكترونية على الشبكة العنكبوتية من ناحية أخرى سيزداد وطيسها في قادم الأيام عندما تكتمل دائرة الاعتقاد لدى سادة الصحافة الالكترونية ولاعبوها الأساسيون أنهم صنو لمن يقابلهم في الصحافة الورقية، ولعمري إن ذلك أمر بعيد المنال حتى في القادم من الأجيال، ففي رأيي أن خطاطي وكاتبي ورق البردي ومن قبلهم أولئك الذين نقشوا على الأحجار والصخور في المعابد تلك النقوش الهيروغليفية في وادي النيل والمسمارية في بلاد الرافدين وناحتو الأشكال المختلفة كتابة ورسما في الجزيرة العربية.. في اليمن ونجران وفي قلب الجزيرة هم أجدادنا نحن أبناء الكتابة على الورق اليوم، سواء كانت هذه الكتابة في الصحف السيارة اليومية والاستهلاكية في طبعها أو في الكتب التي هي أطول عمرا والتي تدلل على ثقافات الأمم وأدبائها ومفكريها، لذا على هؤلاء أبناء الإعلام الاليكتروني أن لا يصدقوا أنهم كتاب أو مفكرون إلا إذا كان هذا التفكير في كيفية تدوير إبداعات الآخرين وإعادة تقديمها بشكل أو بآخر، نتفق جميعا أن الإمكانيات الالكترونية الحديثة لا تعدو كونها «وسيلة» تحتاج إلى فكر وجهد وموهبة في الكتابة تضاف إلى جانب الموهبة في التعامل الالكتروني في المواقع والصحف الالكترونية التي تحتاج مهندسا ومتخصصا في هذا المجال وليس بعض أولئك المدعين الذين يضيفون في كل يوم لقبا جديدا لهم رغم أن معظمهم يسيء إلى اللغة والفكر ومهنة الصحافة التي استسهل بعضهم رحم عبقريتها وأسهم في فض بكارة طهرها، في رأيي أن الصحافة الورقية ستظل هي الأساس، إذ إنها كما كانت دوما الأم الشرعية للصحافتين المسموعة والمرئية ستكون أما للصحافة في الشبكة العنكبوتية. ومساكين هم أولئك الأعلام العظام بنوا إمبراطورياتهم الإعلامية حجرا حجرا وورقة ورقة على رائحة الأحبار مثل مردوخ وجورج تقلا وسعيد فريحة وعبدالقدوس الأنصاري وأحمد السباعي والأخوين أحمد وصالح جمال وأحمد عبدالغفور عطار وليس «ماوسا ماوسا» مثل بعض الذين اختلط عليهم الأمر بين الصحافة كإبداع والتعامل مع الوسائل الموصلة، فهناك فرق بين الأداة الموصلة بين حالتي الورق المحبر أو الشبكة العنكبوتية وبين ما تحمله هاتان الوسيلتان.. ذلك الشيء الذي يسمونه صحافة ومهنة المتاعب وما إلى ذلك.