يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    «الغرف»: تشكيل أول لجنة من نوعها ل«الطاقة» والبتروكيماويات    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تمييز بين السنّة والشيعة.. والسجن لمن يحاول التفرقة
الحلقة الثانية 3 وزارات أضاعت هوية المدينة .. عبدالعزيز بن ماجد لمنتدى «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 10 - 07 - 2011

عبدالعزيز بن ماجد أنموذج يشرف المسؤولية ويزيدها وهجا وبريقا بحضوره المتميز وحراكه الدائم في كل شأن من شؤون إدارة الحكم في المدينة..
ويزداد إحساسه بالمسؤولية تميزا.. لتواضعه الجم وتشرفه الكبير بخدمة أطهر المدن وأطيبها عند الله تعالى بعد مكة المكرمة، لأن بها مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وبها مثوى خاتم الأنبياء والمرسلين.. فهي جديرة بكل الجهد وكل العطاء وكل العناء وكل التميز.. هي جديرة أيضا بأن تحظى بهذا الاهتمام الكبير في أولويات وإنجازات خادم الحرمين الشريفين، ولئن تباطأ تطوير طيبة بعض الشيء فإن ما ينتظرها من حزمة أعمال وإنجازات كبرى سوف تجعل منها مدينة عصرية متطورة تتوفر بها أفضل الخدمات وأرقاها، ولعل أجندة أميرها وخادمها المحبوب عبدالعزيز مثقلة بالكثير والكثير من الأعمال الكبيرة التي لو أنجزت وفق الدراسات الاستراتيجية ستحقق نقلة تطويرية مهمة.. بل والأهم والأروع أن عبدالعزيز بن ماجد لم يهتم بالمستقبل والتطوير بل اهتم كثيرا بالماضي والتراث والحضارة التاريخية وعمران أحيائها والمحافظة على آثارها القيمة لتكون شواهد حضارة وعقيدة رصعت تاريخنا بأعظم الوقفات الخالدة..
إن كل هذا الحراك المتميز وغيره كثير حفزنا لاستضافة ضيف منتدى «عكاظ» الكبير والإلحاح عليه ليكون هذا الحوار الشفاف مقدمة لاحتفالية العالم الإسلامي بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصمة للثقافة الإسلامية.
• فالح الذبياني: هناك أحياء في المدينة يكفي مرورا في شوارعها لأن نكتشف بيئة عمرانية قديمة لم تطلها يد التطوير بعد.. فماذا أنتم صانعون يا سمو الأمير لنزع هذه الأحياء من بؤرة الفقر العمراني والنهوض بها لتصبح واجهة أنموذجية لطيبة؟
أمير المدينة: العشوائيات في المدينة تكونت من عوامل متعددة، يأتي في أولها تسارع حركة التنمية فيها عبر مراحل متوالية، ثم إن مكانتها الدينية جعلتها حاضنة لأعداد مهولة من غير السعوديين، ولو عدت إلى الوراء نحو 60 عاما، لوجدت أن غالبية المنازل كانت محصورة في محيط لا يتجاوز حدود ساحة المسجد النبوي الحالية، فعمد مشروع توسعة الحرم إلى إزالة هذه المنازل، وبالتالي نزح مالكوها إلى الأحياء المجاورة، والمتاخمة للمنطقة المركزية، مثل السيح والحرة الغربية والعنبرية وقباء وحي بني معاوية والإجابة وغيرها. ولو عملت مسحا ميدانيا على الأحياء الواقعة ما بين المنطقة المركزية والدائري الثاني لوجدت أن غالبيتها عشوائي، ما دفع للأسف أهل المدينة إلى الخروج للسكن في أطراف المدينة. وصحيح أن الزائر له حق علينا، ويظل على الرأس والعين، لكن ابن البلد هو أيضا على الرأس والعين.
ولعلي أكشف هنا بعض المشاهد التي نحزن إذا أدركنا أنها ماثلة في المدينة وعند المسجد النبوي، إذ تحولت الأحياء القريبة من الحرم إلى بيوت شعبية تقطنها عمالة، يتزاحم فيها 8 منهم في غرفة واحدة، بل تجاوز إلى أن بعض المتخلفين أصبح يعيش بحرية مطلقة بين هذه العشوائيات، وصار يستقبل الحجاج والزائرين من جنسه في هذه البيوت، وآخر يستأجر مزرعة ويحولها إلى مطبخ يروج فيه الأغذية غير الصحية، فوجهنا بمنع تسكين الحاج بهذه الارتجاليات، وإجباره على السكن في دور أو فنادق مرخص لها، ولن يتم استقباله في المدينة إلا بعد اعتماد عقد سكنه، فضوابط الحج والزيارة لا نسمح فيها ب«اللعب».
والتحدي الذي نواجهه الآن هو كيفية معالجة هذه العشوائيات، فجاء الأمر السامي ببدء معالجتها أولا في مكة المكرمة ومدينة جدة، لتبدأ بعدها مناطق أخرى بحسب نتائج تجربة مكة وجدة، فتوجهنا بدورنا إلى دراسة العشوائيات في المدينة، لتكون جاهزة للتنفيذ بمجرد صدور الأمر السامي.
وقد أرهقتنا هذه العشوائيات لما خلفته على المنطقة من نتائج سلبية، فأفرزت على مجتمعنا مشكلات أخلاقية وأمنية، بل كانت مأوى للإرهابيين، الذين زعموا أنهم سوف يتخفون بين أزقتها وبيوتها الشعبية، وسط سيطرة العمالة المتسيبة، وغدت سوقا للمخدرات، وسوف نقضي على كل هذه الإشكاليات بمجرد الشروع في معالجتها.
وهنا أكشف لكم أننا قد أنجزنا مشروع الدراسات الاستراتيجية لتطوير المدينة التي أمر بها المقام السامي، وهي في طور المراجعة لرفعها، وانتظار إقرارها.
استراتيجيات التنمية
• فالح الذبياني: في تقدير سموكم، ماذا بقي للمدينة من احتياجات مفصلية تهم الإنسان والمكان؟
أمير المدينة: أنا أشكرك على هذا السؤال، الذي قد نجيب عنه في كتاب لا في دقائق، ولكن سأوجز في ذكر بعض ملامح هذه الاستراتيجيات، التي تكمن في تنفيذ التصور المعتمد للمنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي، من إنجاز طريق الملك فيصل وهو الطريق الدائري الأول، وما يحضنه من أنفاق أرضية للمشاة، والتي سوف تنهي أعظم إشكالية تواجهنا في المدينة، إذ يبرز العامل الأول في ربكة المنطقة المركزية في الحركة الترددية للمشاة ما بين المسجد النبوي والدور السكنية بمعدل 5 مرات في اليوم، وفي وقت واحد، ذهابا وإيابا بعدد الصلوات.
ومن المشاريع المفصلية في المدينة استحداث شبكة قطارات ذات السكة الواحدة، أو ما يعرف بال(مونوريل)، وربطها بالأحياء الخارجة عن المنطقة المركزية، بحيث تمكن زائر المدينة من التوجه إلى المسجد النبوي من الأحياء البعيدة عن الحرم في 5 دقائق فقط، بينما لو يسكن الزائر في الفنادق المحيطة بالمسجد النبوي قد يستغرق وقت انتظاره أمام المصاعد الكهربائية أكثر من 10 دقائق، وهذه الاستراتيجية تعمد إلى التعامل السلس مع البعيد بآلية تمكن من الإنجاز أسرع من القريب.
وقد عمدنا في بلورة هذه الاستراتيجيات إلى الجمع بين حداثة المشاريع والمحافظة على الإرث الديني والتاريخي، دون أن تؤثر هذه المشاريع الحديثة على هوية المدينة النبوية، بل كرسنا جهودا في تعزيز إبراز هذه الهوية، من خلال إنهاء دراسة مشروع «درب السنة»، بإحداث طريق مرصوف من المسجد النبوي إلى قباء، يمشي فيه الزائر على قدميه تأسيا بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، دون أن تخترق هذا الطريق سيارة واحدة، وإضفاء جماليات عليه مستوحاة من الطابع المديني كالنخيل والسقائف وأعمدة جذوع النخل، بالإضافة إلى تحسين مناطق الزيارات التاريخية مثل ساحة معركة أحد وسيد الشهداء، وساحة معركة الخندق، ومسجدي قباء والقبلتين، فمثلا في قباء ستتم توسعة ساحة المسجد، بعد إزالة السوق المقابل، وتظليل الساحة بالكامل.
وسوف نعمد إلى إنشاء مراكز حضرية في المدينة، إذ لا تبقى زيارة المدينة محصورة بين المسجد النبوي وفنادق وأسواق فقط، وكأننا في أي بلد سياحي في العالم لولا وجود الحرم، بل نحن نعمد في المرحلة المقبلة من خلال هذه المراكز الحضرية إلى بيان رسالة سامية تبرز هوية المدينة الدينية والتاريخية والزخم الثقافي الذي يدور حراكه في مقدراتها الإسلامية، بجانب إنشاء دار للقرآن وأخرى للسنة وثالثة للقلم.
وفي المقابل، تأتي مشاريع قطار الحرمين، وتوسيع شبكة الطرق في المنطقة داخل المدينة وما بين المحافظات، وإنشاء مطار دولي جديد، وإنشاء ساحة الملك عبدالعزيز مقابل المنطقة المركزية، وصون المناطق التاريخية وجعلها معالم لا تمس ولا تطالها أية أنشطة تطفئ من قيمتها المتوغلة في التاريخ الإسلامي والاجتماعي، ولن يكون ذلك في المدينة فقط، بل حتى في المحافظات كساحة معركة بدر، والمدينة القديمة في العلا، وتطوير البيوت القديمة وتهيئتها إلى أن تصبح أجنحة فندقية بطبيعتها العمرانية المتأسسة من الطين واللبن، دون أن تدخل عليها كتل الأسمنت.
ونحن نواجه جنون تكاليف مشاريع التنمية، فأصبح المقاولون يتحدثون عن المليار كأنه المليون، وما أود أن أشير إليه هو الخلوص بجزء من هذه الاستراتيجيات إلى تحسين المنطقة المركزية بالكامل، وفق مضامين «دراسة المخطط الشامل» التي بدأ تنفيذ بعض المشاريع المدرجة في الدراسة، واعتماد مبالغها، كإنشاء الطريق الدائري الأول ب850 مليون ريال، وتطوير المركزية بنحو 250 مليون ريال، ونحو 4 مليارات ريال للتوسعة الجديدة للحرم من الناحية الغربية، لاحتوائها على محطة للنقل العام وساحات ومظلات، يأتي تفصيلها بين الحاجة إلى توسعة المسجد النبوي، وتعزيز خدمات المنطقة المركزية، وإحداث مشاريع تطويرية مفصلية، وأخرى حيوية في المدينة وأحيائها بالكامل، تتمثل في إنشاء شبكة للنقل العام عبر سكتي قطارات داخلية، وتطوير المناطق التاريخية، وتأهيل المناطق العشوائية بنزع الملكيات، إذ إن جل تكاليف مشاريع العشوائيات تصرف لصالح الملكيات المنزوعة.
لا مذهبية
• محمد الأحمدي: المراحل التاريخية التي شهدتها المدينة هيأتها لتكون حاضنة لمذاهب إسلامية متعددة، وبقراءة واقع الحياة العامة في المدينة نرصد شيئا من الحدة والتوتر في العلاقة بين المنتمين لمذهب وآخر، قد تتجاوز حدودها إلى نشوب أحداث غير حضارية كما حصل في حي العصبة وقباء.. والسؤال يا سمو الأمير؛ كيف تقرأون مستقبل التعايش في مجتمع المدينة خصوصا وسط غياب فعاليات الحوار الوطني في المنطقة؟
أمير المدينة: المطلوب الآن هو التركيز على العوامل المشتركة بين المذاهب، وأعتقد أنه لا يوجد عامل مشترك بين المذاهب في المدينة أسمى من (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وما من شيء أكفأ من الرجوع إليه عند الاتفاق مثل الكتاب والسنة، أما البحث في مواطن الخلاف فهو عامل تعميق التفرقة، وأما الحوار فقد عقد في المدينة بجزئيات محددة لم تكن على قدر من احتواء الواقع، إذ لا بد من بناء الحوار على ضوابط ثابتة، يتم الرجوع إليها حال الاختلاف.
ومشكلتنا ضعف المعرفة وجهل المتلقي، وهذا ما يخلف تلوث الفكر وانحراف التفكير، الذي قد يتطور إلى التطرف والإرهاب، فلو كانت لدى المتلقي قواعد عامة من الثقافة والمعرفة لتوافر له شيء من الحصانة ضد دعاة الباطل، بل قد لا يتجرأ داعي الباطل على بث أفكاره على هذا المتلقي.
وسوف نكرس مبدأ الحوار بين الشباب من خلال دور سيتم إنشاؤها قريبها وإقرارها ضمن الخطة الاستراتيجية، وهي دار القرآن ودار السنة ودار القلم، وفق الاختصاصات المحددة لكل دار.
والمشكلة التي حدثت في المدينة في حي العصبة بدأت بين شباب، وتطورت بين رموز، وقد اجتمعت بمشايخ القبائل والدين المعنيين بالحادثة، وقلت لهم «جميعكم مسلمون، وجميعكم سعوديون، ومتساوون في الحقوق والواجبات، وليست هناك أية ميزة أو تفرقة بين مذهب وآخر، وإن تعدي بعضكم على بعض هذا غير مقبول أبدا»، وطلبت منهم أن كل شيخ قبيلة يجتمع بشبابها اليوم، ويحثهم على الهدوء والتواؤم، وقد أنذرتهم في حالة تكرر الحادثة ثانية ستتم محاسبتهم جميعا، والزج بالمتسببين في السجن، وحقيقة الإخوان السنة والشيعة كان لهم موقف مشرف، فعقدوا مجلس صلح، واتفقوا على بنود تحمل كل سمات الخير.

واقع الثقافة
• د. أنمار مطاوع: يشكو شباب المدينة من حالة جمود تسيطر على النادي الأدبي حرمتهم من التفاعل الثقافي.. فهل ثمة خطط لدى سموكم لتفعيل دور النادي؟
أمير المدينة: بعد صبر مرير بدأنا نلمس توجها نحو دعم النادي الأدبي، نتيجة إشكال بين وزارتي المالية والثقافة والإعلام، فجاء ضمن الأوامر الملكية الكريمة دعم النادي ب10 ملايين ريال، تعد كخطوة أولى نحو دفع الحركة الثقافية والأدبية إلى ما يحقق تطلعات المثقفين في المدينة، ويملي حاجة المطلعين من الحجاج والزائرين.
وأنا ما زلت أتحفظ على سياسة الأندية الأدبية بشكل عام، والتي ما زالت تسير على منهج قديم جدا قد يستهوي الكبار في السن، ولكن لا يستهوي الشباب دون التفكير في إحداث آلية تضمن دعوة الشباب إلى المشاركة في فعاليات النادي والمساهمة في تعزيز الحراك بالاعتماد على الأدوات التي أصبحت جزءا من حياتهم، كمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل تويتر وفيس بوك، حتى أنني أذكر مرة استضاف نادي القصيم الأدبي عضو مجلس شورى، وصار يتحدث عن أدوات الشورى في إمكانية التصويت عبر شاشة كمبيوتر أمام أعضاء المجلس، فقلت له «أنت ما تحدثت عن الشورى، بل عن مايكروسوفت، فهذه مجرد أدوات تستطيع استخدامها حتى في بقالة، وكنا نتوقع أن المحاضرة سوف تتحدث عن أسس الشورى في المملكة».
والأهم من هذا أنه تطفل على النادي الأدبي من لا علاقة له بالأدب ولا بالثقافة، وصار يناقش ويعقد صوالين للتجمعات الفاشلة، ويبدأ بالتنظير بمجرد أنه سافر للخارج وجلب معه كم كتاب يحظر توزيعه هنا، فحالته ليست شغفا في المعرفة والثقافة يتجه لإشباعه، بل حب للظهور يسعى لتلبيته.
فمرة فوجئت بمن يدعي إلمامه بالتاريخ وهو يتحدث عن بئر يقول إنه قد مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أو صلى أو تحدث عندها، فقلت له «الله يهديك .. أنت من وجهاء المجتمع .. وتتحدث تشكيكا بتكرار (أو)، إذا أردت أن تتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهناك سيرة وأحاديث تنقل بالتواتر وأخرجها رواة، فأنت بذلك شككتني في كل شيء قلته من قبل».
وحقيقة أن الأندية الأدبية غابت عن التفاعل مع الجمهور، حتى أن بعض فعالياتها القيمة تأسف أنك لا تعلم بها إلا وقد فات وقتها بأيام، مقابل الطابع الممل الذي يسود أجواء قاعاتها، وأرى أن الأندية الأدبية بحاجة إلى مراجعة كاملة لواقعها.
وأبرز ما قتل حراكنا الثقافي أن تشكيل الأندية الأدبية همش مثقفين هم أحق بعضوية المجلس من غيرهم، فنتج عن ذلك عزوف رموز الثقافة، وهو يؤمن بأن بعده عن النادي سيحقق له إنتاجا ثقافيا أكثر.
وغالبية الأندية الأدبية غير مهيأة للاستقطاب، وواقعها محزن جدا، ولا تدفع حتى المثقف لزيارتها، وقد تأسفت حقيقة عندما شاهدت مكتبة الإسكندرية، وتساءلت متى تصبح نوادينا ومكتباتنا هكذا؟
وخلاصة القول إن الأندية الأدبية لا ترقى للطموح، ونأمل أن نصل لمستوى يجعلنا على أقل تقدير أن نقول «لدينا ناد أدبي».
عاصمة الثقافة
• أحمد عائل فقيهي: حديثك يا سمو الأمير يدعوني للقول بأن القواعد الثقافية والتاريخية في المدينة هي التي قادتها لاختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2013م، من وجود المسجد النبوي وجامعتين ومكتبات عامة متعددة، بينما نرصد تراجعا للدور الثقافي والحضاري للمدينة .. كيف يقدر سموكم استعادة هذا الدور؟
أمير المدينة: بالفعل عصف بالمدينة مراحل أضعفت حضورها الحضاري على مستوى العالم الإسلامي، بدأت بمرحلة عانت منها طيبة بهجرة رموزها الثقافية والفكرية، وأصبحت هذه الرموز رائدة للحركة العلمية في مناطق أخرى، بل تجاوز ذلك إلى هجرة مؤسسات صحافية ورموز إعلامية كانت ذات دور فاعل في إبراز الوجه الثقافي والفكري للمنطقة، وإحداث ثورة من الحراك الحضاري فيها، ولهم حق في التحرك كيفما تتحقق مصالحهم واهتماماتهم إن كان في المدينة أو خارجها. وبعد ذلك بدأت مرحلة «الطفرة» في الحركة العمرانية والتجارية.
ومن العوامل التي تسببت في هذا التراجع انعدام البيئة الثقافية المواكبة للمتطلبات العصر الحالي، فتخيل أنه لا يوجد في المدينة مركز للمؤتمرات، وهذا ما دفعنا لإدراجه ضمن خطط التنمية الآنية، وتم إقراره في حي سلطانة بجوار مبنى فرع وزارة المالية دون انتظار إنجاز قاعة مركز مؤتمرات مدينة المعرفة الاقتصادية.
أما بعض المقومات التي ذكرتها فهي غائبة عن الساحة الثقافية، فمكتبة الملك عبدالعزيز مثلا وهي تجاور المسجد النبوي أنا أعترف بتعطيلها، وتعطل معها ما تكتنزه من نفائس كمكتبة عارف حكمت، وأول زيارة لي دفعتني للاستغراب من إقامة المكتبة بين عمارتين ضخمتين، حتى أن المتأمل يتوقع أنها قاعة أفراح، وعندما سألت عن وضع العمارتين، أجابني المعنيون بأنها أوقاف، فقلت لهم «إن أي مكان في العالم تجد أبرز معلم يحظى بالعناية والاهتمام هو المكتبة، وهنا في المدينة وجدت العكس».
تلاشي الهوية
• أحمد عائل فقيهي: سمو الأمير .. تطال الآثار والمعالم في المدينة أيدي الخراب والتدمير، وبذلك بدأت تتلاشى الهوية الدينية والتاريخية .. بودنا أن نستقرئ رأي سموكم في هذا الجانب؟
أمير المدينة: الآثار الدينية تظل ذات قيمة ويجب علينا صونها وتوظيفها في إبراز عراقة تاريخنا الإسلامي، وعندما بلغني أن هناك تجرؤا على بعض هذه الآثار والتقليل من قيمتها ومنع زيارتها اجتمعت بمسؤولي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فناقشتهم وقلت لهم إن هذه أرض خلقها رب العالمين، ومرت بمرحلة تاريخية عظيمة تمثل عصر النبوة، أما إن كان يمارس فيها ما يخالف العقيدة السليمة كالبدع فهذا ذنب الزائر الذي مارس هذه البدع فعليكم بتوجيه، لا أن تلقوا باللوم على الأرض والجمادات. وقد أكدت عليهم أن عملنا أمام الآثار ليس تصنيف الزائرين؛ هذا بعقيدة وذاك بأخرى، إنما علينا أن نوضح لهم قيمة هذا المكان، إن كان شاهدا على غزوة ونصر للمسلمين، أو أثر ثابت للرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول مثلا «هنا وقفت ناقته القصواء»، وهذا لا أرى فيه حرجا على عقيدتنا، لطالما أن بقعة وقوف الناقة لم تتحول إلى معبد أو مصلى أو مجسم يتم التبرك به .. فلماذا نكرهها إذن؟ وفي مقابل من يتشدد ضد هذه الآثار نفاجأ بفريق آخر يأتي بتصورات عجيبة غريبة، فعندما بدأت إنارة جبل أحد بشكل جزئي، وتجري خطوات إنارته بالكامل ليكون رمزا عظيما يشاهد في الليل من أي مكان بالمدينة بمجرد الدخول إليها من المطار أو المداخل البرية كطريق الهجرة أو القصيم وتبوك، أقول عندما بدأت إنارته فوجئت بعد ما أحدثه المتشددون من صخب تجاه هذا المشروع بمجيء رجل على الطرف النقيض تماما، ويطالب بإزالة الإنارة من الجبل، بداعي إحداثها ضررا بالحياة الفطرية، فقلت له «يا أخوي .. هذا ضلع وحر، ما تلقى فيه غير الديبان والعقارب».
المؤسسة الدينية
• عبد الله دراج: في تقدير سموكم؛ كيف يمكن المواءمة بين المؤسسة الدينية والسياحية في إبراز المعالم الإسلامية والتاريخية في المدينة؟
أمير المدينة: بالتأكيد أنا أقر بأن هناك آثارا لم يتم التعامل معها بشكل جيد، خاصة بعد إزالة التحفظات التي كانت تعيق العناية بهذه الآثار، ومن عوامل هتك قيمة الآثار أنها كانت ضمن مهام وزارة التعليم سابقا، وهي منشغلة بالهم الأكبر في تعليم أبنائنا الطلاب، مقابل غياب الاختصاصيين في الآثار في الوزارة، بالإضافة إلى ثقافة المجتمع، إذ لم تنم فيه المؤسسات التعليمية قيم المحافظة على الإرث التاريخي في أرضنا.
وكانت هناك ارتجاليات من عدة جهات بالآثار، كما حصل في محطة سكة حديد الحجاز في المدينة «الاستصيون» عندما أضافوا مواد ملمعة على الحجارة المستخدمة في البناء، ففقدت طلعتها التاريخية.
وواجهنا في هذا الشأن المتنطعين على الطرفين، من يحرض على طمس الآثار وإزالتها، ومن يمجد في آثار لا قيمة لها، فالفريق الأول من يعمد على تزييف الواقع وينقل صورة تجانب الصواب عن حقيقة الآثار، والآخر من يزيف التاريخ ويمجد فيما هو ليس أثرا، كما حصل في مسجد الكاتبية الذي لم يتجاوز عمره 150 عاما، وادعوا من غير علم أنه مسجد من عصر النبوة.
وقد اكتشفنا حقائق هؤلاء المتنطعين، فمرة استضافت إحدى القنوات من ادعى أنه مؤرخ وملم بالتاريخ، وأنزل على المدينة أمورا ما أنزل الله بها من سلطان، وتحدث عنها بما لا يليق بمكانتها أبدا، وهو يتقوى على ذلك بأنه ينتسب إلى الخزرج من الأنصار، وبعد البحث عنه تبين أنه لا علاقة له بالأنصار.
وحقيقة بدأنا نعيش حراكا بعد إسنادها لجهة مختصة وهي الهيئة العامة للسياحة والآثار، فبدأت بصون الآثار الموجودة، واكتشاف أخرى لم تكن مكتشفة.
الغرفة التجارية
• علي الدويحي: تكاد الغرفة التجارية في المدينة الغرفة الوحيدة على مستوى المملكة التي تدار بلا مجلس إدارة بعد سلسلة من الاستقالات والإقالات، فما هي الحكاية يا سمو الأمير؟
أمير المدينة: أليس بالأجمل لو كان سؤالك «إن المشكلة لها أكثر 6 سنوات، وأنت يا أمير المدينة لك 6 سنوات، وإلى الآن لم تقل حقا ولا باطلا؟».
عموما من إشكالات الأنظمة أنها تحمل نوعا من الوصاية، وهنا لا محل للوصاية، فهي غرفة تجارية وصناعية لها أنظمة وأهداف، فوزارة التجارة هي من أضاعت غرفة المدينة، بأنها لم تراع دور «الانتخابات»، ولم تأخذ بها مأخذ الجدية في تشكيل مجلس الإدارة، فبعد أن خسر مرشحون في المرحلة الانتخابية، نفاجأ أنها أعادتهم بالتعيين، وهذا ولد فهما خاطئا عند المعينين، إذ ظنوا أنهم مدعومون من صناع القرار وصاروا أصحاب سلطة، وأما أعضاء مجلس الإدارة فقد فقدوا سلطة الحكم والقرار لاختلافاتهم في كل اجتماع، بل تجاوزت إلى خلافات شخصية تصعدت إلى أن بلغت المحاكم والقضاء.
وقد ناقشت مع وزير التجارة أمر الغرفة مؤخرا، وعرض عليّ حلولا عديدة، لكنني وجدتها مجرد حلول مؤقتة، وسيتم فرض بعض الحلول قريبا، لأن واقع الغرفة الآن لا يحتمل الترك، بينما تجرى دراسة الحل الجذري.
والمؤسف عندما تجد أن غرفة ينبع تفوقت على غرفة المدينة، وهي تواصل نجاحاتها على مستوى غرف المملكة، فرحمة الله على منصور عبدالغفار الذي بنى كيان غرفة ينبع بمبدأ أبوي، بينما خاض في إفشال غرفة المدينة شباب فاقدون للحكمة، لا يملكون صفات أسلافهم من التجار.
المشاركون في المنتدى
أمين عام هيئة تطوير المدينة
المهندس محمد بن مدني العلي.
أمين مجلس منطقة المدينة وهيب السهلي.
الكاتب الصحفي د. أنمار حامد مطاوع.
مساعد رئيس التحرير د. سعيد السريحي.
مساعد رئيس التحرير فالح الذبياني.
مدير التحرير خالد طه.
مدير تحرير الشؤون الاقتصادية علي الدويحي.
مدير التحرير أحمد عائل فقيهي.
مدير التحرير عبد الله دراج.
مدير مكتب المدينة محمد طالب الأحمدي.

شاهد الفيديو الخاص لزيارة أمير المدينة لمجمع عكاظ
http://www.youtube.com/okazonline/#p/u/2/afY9OhylY7E


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.