هذه هي المرة الثانية التي تتجاوب بها الهيئة السعودية العامة للغذاء والدواء مشكورة مع تساؤلات أطرحها عن دورها في مقالاتي. والمرة الأولى كانت قبل سنة تقريبا حين طرحت تساؤلات عن دور الهيئة في السيطرة على بعض المواد الغذائية المستوردة التي لا تحمل تاريخ انتهاء من بلاد المصدر، وتم الاكتفاء بملصق أبيض يمكن إزالته وتغييره من قبل التاجر حسب الرغبة. ووعدني رئيس الهيئة الأستاذ الدكتور محمد الكنهل بتتبع هذه القضية والتأكد من كافة ملابساتها ولكن يبدو أنه مازال يتتبع لأن تلك المواد مازالت تحتل الرفوف في المراكز الاستهلاكية الكبرى حتى هذه اللحظة. أما التجاوب هذه المرة فقد كان توضيحا لبعض النقاط التي أوردتها في مقالتي في جريدة (عكاظ) تحت عنوان (الغذاء الملوث) بالعدد 16363 بتاريخ 13/7/1432ه. حيث أكد سعادة الأستاذ الدكتور إبراهيم بن سعد المهيزع، نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الغذاء في الهيئة العامة للغذاء والدواء، برسالة بدأت بديباجة مهذبة موجهة للكاتب، على إيمانه بأهمية الشراكة الاستراتيجية بين الجهات الرقابية والإعلامية، ولذلك رأى أن يورد بعض النقاط التي من شأنها أن تعطي صورة شاملة لما يقوم به قطاع الغذاء في الهيئة بغرض فتح قنوات تواصل بين الهيئة والإعلام لما فيه خدمة الصالح العام. ولقد لخص سعادته النقاط التي يعنيها بالتالي: 1 اهتمام الهيئة بتشديد الرقابة على منتجات الخضار والفواكه الطازجة القادمة من أوروبا كان بسبب التلوث الذي انتشر في ألمانيا ومنها لعدد من دول الاتحاد الأوروبي بصورة وبائية بميكروب خطير جدا (بكتيريا الحمى النزفية الدموية) الذي نتج عنه عدد كبير جدا من الإصابات (فاق 3000 مصاب) ووفيات زادت على 30 حالة وفاة. وقد أثار هذا الذعر لدى شريحة كبيرة من المواطنين، ولا سيما أن المملكة تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية (ما يقرب من 65%) من الخارج الأمر الذي يستوجب على الهيئة نقل الصورة واضحة لما حدث هناك مع توضيح آثار ذلك على المملكة. 2 إن نقل المهام من الجهات المعنية للهيئة يتم وفقا لمعطيات ووفق برنامج تحدده جاهزية الهيئة للقيام بهذا النشاط على أكمل وجه. حيث إن الهيئة لا يمكن أن تنقل جميع المهام في آن واحد وإلا فإن ذلك سينعكس سلبا على أداء الهيئة مستقبلا. وعلى سبيل المثال سيتم نقل المهام على النحو التالي: تبدأ الهيئة بنقل مهمة إصدار المواصفات واللوائح الفنية الغذائية في 1/8/1432ه من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة. يليها نقل مهام الرقابة على مصانع الأغذية والمستودعات الكبيرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية. نقل مهمة الرقابة على الواردات من الخضار والفواكه من وزارة الزراعة. أما بالنسبة لمراقبة المزارع والتأكد من اتباع الممارسات الزراعية السليمة فهذه المهمة تقوم بها حاليا وزارة الزراعة وستبقى كذلك. وبالتأكيد سيكون هناك تنسيق مع وزارة الزراعة بهذا الشأن ولا سيما ما يتعلق بسلامة المنتجات النباتية الحيوانية. الرقابة على الأغذية بالأسواق المحلية على مستوى المملكة تقوم بمهامها الآن وزارة الشؤون البلدية والقروية حيث ستستمر كذلك لحين تواجد الهيئة في مناطق المملكة المختلفة. أما موضوع إنشاء مختبرات ملحقة بكل من الأسواق الغذائية لتعمل كنقاط مراقبة وتحليل لكل ما يدخل الأسواق فهو أمر يصعب تحقيقه من الناحية العملية ليس عندنا فحسب بل في أي مكان في العالم. فتحليل بقايا المبيدات في الأغذية يحتاج لتجهيزات فنية معقدة وخبرات فضلا عن الفترة الزمنية لإنهاء الفحص. وكبديل لهذا فإن الهيئة تعمل على: رصد ومراقبة سلامة الأغذية في الأسواق وفق الأسلوب الحديث الذي تتبعه الجهات الرقابية عالميا، وذلك عن طريق سحب عدد كبير من العينات يصل إلى 6000 عينة من أسواق المملكة وفق منهجية علمية لرصد الملوثات بالأغذية بما في ذلك بقايا المبيدات في الأغذية للخروج بتصور واضح عن مدى تلوث الأغذية المختلفة واتخاذ الإجراءات المناسبة. والحقيقة أنني معجب بهذه الهيئة وبالقائمين عليها لما يبذلونه من جهود جبارة في تأدية أعمالهم على الوجه المطلوب في حدود إمكانياتهم المتاحة، وشفافيتهم المميزة مع الإعلاميين والمواطنين والتجار في تحديد المسؤوليات من غير مجاملة أو تمييز. وأشكرهم لهذا الإيضاح المهم للجهات التي يجب أن توجه إليها أصابع المساءلة فيما يجري من تجاوزات في سلامة الغذاء في المملكة.. وأشارك الأستاذ الدكتور المهيزع دعوته للتعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالسلسلة الغذائية حيث قال في رسالته «وكما تعلمون، إن نجاح الرقابة الغذائية يلزمه تعاون جميع ذوي العلاقة بكل من المراحل التي يمر بها الغذاء السلسة الغذائية من إنتاجه إلى استهلاكه، ويبدأ ذلك بالتوعية بفوائد اتباع الممارسات الجيدة بكل مرحلة للمحافظة على سلامة الغذاء والحذر من الأضرار الجسيمة التي تنشأ عن عدم تطبيق تلك الممارسات». ولعل هذا ما يدعوني لدعوة كافة أصحاب العلاقة بدءا بوزارة الزراعة لمزيد من الإيضاح للتقارير التي أوردتها (عرب نيوز) أولا، وأشرت إليها في مقالتي السابقة والتي تفيد بالإفراج عن كافة شحنات الأغذية المستوردة عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة دون فحص أو تحليل مخبري، ولدورها في مراقبة المزارع المرخصة وغير المرخصة التي تسقى بمياه الصرف الصحي في مكةالمكرمة. ودعوة (أمانات وبلديات منطقة مكةالمكرمة) للإفصاح عن دورها في مراقبة المنتجات الاستهلاكية في المراكز الاستهلاكية الكبرى والصغرى، وفي مراقبة باعة الخضروات والفواكه المتجولين والمختبئين في الشوارع الفرعية وفي محلات البيع الصغيرة في الأحياء. [email protected]