في إجراء احترازي، واستجابة لتوصية من هيئة الغذاء والدواء، حظرت وزارة الزراعة السعودية الأسبوع الماضي استيراد الخضراوات من دول الاتحاد الأوروبي بشكل مؤقت تخوفا من تلوثها ببكتيريا (إي كولاي) التي تسببت في وفاة المئات من الأوروبيين أو إصابتهم بأمراض ومضاعفات صحية مختلفة منها إسهال دموي حاد وتقلصات معوية يتبعها فشل في وظائف أعضاء الجسم الحيوية مثل الكلى والكبد. ومن جانبها حظرت الهيئة العامة للغذاء والدواء استيراد (السلطات) المعلبة من أوروبا في الوقت الذي أكدت فيه عدم رصد البكتيريا في المملكة حتى الآن. وقبل هذا بعدة أشهر نشر في جريدة (عرب نيوز) بتاريخ 8 يناير 2011م تقرير صحافي عن ثبوت إقدام مئات المزارعين في منطقة مكةالمكرمة على ري الخضراوات بمياه الصرف الصحي غير المكررة. ويحدث هذا في الوقت الذي يعلن فيه الدكتور إبراهيم المهيزع نائب الرئيس لقطاع الغذاء في الهيئة العامة للغذاء والدواء، بأن الوضع في المملكة مطمئن، وأن الهيئة عملت على تشديد الرقابة على جميع الأغذية الواردة من أوروبا وغيرها من الدول، إلى جانب إرسالها لفريق من المختبرات للتدرب على طرق اكتشاف تلك البكتيريا وأن هيئة الغذاء والدواء لديها مركز للإنذار المبكر الخاص بسلامة الغذاء، وأنها عمدت خلال الفترة الماضية إلى التنسيق مع الجهات المعنية وبالأخص وزارتي الزراعة، والصحة، لرصد أي وجود للبكتيريا من خلال الغذاء في المملكة. وهكذا، ينظر كافة المسؤولين عن الأمن الغذائي بعيداً ويتسابقون على الإدلاء بالتصريحات الصحفية عن الخطر القادم من وراء الحدود ويتناسون النظر لما تحت أقدامهم وتلك لعمر الله قاصمة الظهر. فمنطقة كاملة هي منطقة مكةالمكرمة يتكدس فيها ما لا يقل عن 40% من سكان المملكة تقتات على خضراوات مروية مباشرة بمياه الصرف الصحي وعلى مدى سنوات طويلة والكل يعلم بذلك بمن فيهم أعضاء المجلس البلدي الذين يستعرضون بطولاتهم في صحيفة تنشر بالإنجليزية ويتجنبون استعراضها في أية صحيفة محلية تنشر باللغة العربية. فهل يعني هذا أن علينا كمواطنين أن نقرأ الصحافة الأجنبية لنعرف المآسي التي نعاني منها في بلادنا، حيث إنه لا بد من الإشارة هنا إلى أنني لم أقرأ التقرير أساساً في (عرب نيوز) بل قرأته نقلا عنها في مصادر إخبارية عالمية على سبيل التحذير لمواطنيها الذين قد يكتب عليهم المرور أو الإقامة في هذه المنطقة. ثم إن هذه المعلومات التي استعرضها بعض أعضاء المجلس البلدي في جدة في (عرب نيوز) لم تكن مفاجأة أو جديدة بل هي معروفة منذ سنين طويلة لدى أبسط مواطن في هذه المنطقة. وكل من يرغب في التأكد منها بنفسه ما عليه سوى أن يكسب صلاة الفجر في الحرم المكي الشريف وينطلق إلى جدة بعد الصلاة مباشرة على طريق جدة الجديد أو القديم الذي يمر ببحرة ليشاهد أعداد الشاحنات الصغيرة الهائلة التي تنطلق كالنحل في كل اتجاه للحاق بحراج سوقي جدةومكة المركزيين أو للتوزيع مباشرة على المواطنين من خلال تعاقدات مع محلات (السوبرماركت) أو بائعي الأرصفة أو (حلقات) الخضار غير المرخصة التي أنشأتها العمالة المغتربة التفافا على قرارات السعودة الصفراء والحمراء والخضراء والذهبية. ورغم أن المواطن يعلم من أي ماء تسقى تلك الخضراوات ويمكن أن يرى ذلك بنفسه إن شاء، إلا أنه يعلم أن لا حياة لمن تنادي فلا المجلس البلدي قادر على وقف ضخها في السوق ولا وزارة الزراعة ولا البلدية ولا هيئة الغذاء والدواء.. أما لماذا؟ فليس من حقك السؤال. وحتى لو حسنت النية وحاولت إحدى الجهات السيطرة فإن جهات أخرى لديها سلطة موازية يمكن أن تحبط جهودها. ولذلك شعرت بارتياح كبير لتصريح المهيزع بأنه سيتم نقل صلاحيات الترخيص، والمواصفات، والمراقبة والتطبيق على الغذاء للهيئة اعتباراً من الشهر المقبل كمرحلة أولى، وسيتبع ذلك نقل صلاحيات مراقبة مصانع ومستودعات الأغذية (الكبيرة) إلى مهام الهيئة أيضاً، لتكون بذلك هي المسؤولة المباشرة عن سلامة الغذاء. فتوحيد جهة الاختصاص هو الخطوة الأولى على الطريق الصحيح، وآمل أن تشمل تلك الخطوة مراقبة المزارع والتأكد من سلامة كافة الممارسات الفلاحية المطبقة فيها بدءا بمياه الري مرورا باستخدام المبيدات الحشرية الزراعية القاتلة وانتهاء بطرق التجهيز والتغليف والنقل المناسبة للمواد الغذائية.. كما آمل أن تقوم الهيئة بإنشاء معامل تحليل مخبري بجوار كل سوق خضار أو أغنام أو دواجن مركزية للتأكد من سلامة كل ما يعرض للبيع قبل بيعه، كما آمل أن تضع الهيئة مواصفات قياسية لبناء وحماية الأسواق المركزية وتزويدها بأسوار وبوابات محروسة ورصد للمنتجات الواردة إليها والتأكد من مصادرها قبل السماح بدخولها للسوق كما هو الحال في الرياض؛ لأن أسواق جدةومكة والمناطق الأخرى مفتوحة على مصراعيها وما من حسيب أو رقيب عليها وبإمكان أيا كان أن يدخل إليها بمنتجاته من أي اتجاه. أما بالنسبة للخضراوات والمواد الغذائية التي يعرضها الباعة المتجولون ومحلات (السوبرماركت) وحلقات الخضار الفرعية غير المرخصة فهي قضية أخرى أكثر تشعباً وتعقيداً، ويبدو أنها لا تدخل ضمن أولويات أمانات وبلديات منطقة مكةالمكرمة لأسباب غير معروفة، وسيبقى الوضع على ما هو عليه ما شاء الله له أن يبقى. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة