يقترب موسمنا الرياضي من نهايته، كان موسما حافلا بالعواصف الإعلامية التي هبت في كل الاتجاهات، ولم يسلم منها أحد، الاتحاد السعودي تلقى العبء الأكبر من هذه العواصف، وذلك يعود لجملة من الأسباب أهمها: إنه كان يمر بفترة انتقالية جذرية وضعته في فوهة البركان، ولأنه طبق الشفافية في التعاطي مع القضايا المثارة بأكثر مما ينبغي أحيانا، فلم يعد يخفي مشاكل الوسط الرياضي تحت البساط، كما كان يفعل في الماضي، ولا أدري هل كان من محاسن الصدف أم من سوئها أن يواكب هذه النقلة ثورة إعلامية هائلة تسابقت فيها وسائل الإعلام الرياضية الجديد منها والقديم على تقليب كل حجر في مشهدنا الرياضي، حتى لم يعد هناك ما يمكن أن يوصف ب(الأسرار)، فالقرارات الجديدة للاتحاد ولجانه المختلفة تنشرها وسائل الإعلام قبل أن تصدر رسميا، وتفاصيل ما يدور في الاجتماعات المغلقة ينقل للجمهور حتى قبل أن يترك المجتمعون كراسيهم، وصفقات الأندية مع اللاعبين والمدربين تنشر قبل أن توقع بشكل رسمي، حتى أصبحت كلمات مثل (علمت) و (كشفت) و (مصادرنا) و (كما أشرنا) الأكثر تداولا، فكانت تسبق الكثير من الأخبار، وتتصدر تقارير البرامج التلفزيونية، والصحف الإليكترونية منها والورقية. لقد نجحت وسائل الإعلام في اختراق كل الحواجز والجدران السميكة التي حاول الاتحاد السعودي، ولجانه المختلفة، وإدارات الأندية، أن تحيط بها اجتماعاتها وقراراتها، حتى بدأ لنا الأمر وكأن في كل اجتماع للجان الاتحاد السعودي، ولإدارات الأندية كرسي خفي لا يراه المجتمعون مخصص للمدعو (مصدر) الذي لا مهمة له سوى نقل ما يدور وما يتقرر في هذه الاجتماعات إلى وسائل الإعلام. كان نجاح وسائل الإعلام في الوصول للمعلومات والأخبار والأسرار وبثها بسرعة مربكا لصنّاع القرار، وتسبب في وقوع مشاكل، وتبادل اتهامات حول من يسرب الأسرار إلى الإعلام. لقد كان الإعلام الرياضي بوسائله المختلفة لاعبا رئيسيا ومؤثرا في هذا الموسم، وإضافة إلى ما حققه من نجاح في سرعة نقل المعلومات، وكشف ونقد الأخطاء، فهو كان ملعبا كبيرا شهد منافسات ساخنة بين مختلف مكونات الوسط الرياضي، من مسؤولين، ولاعبين، وحكام، وإعلاميين، وحتى الجماهير، كل هؤلاء نزلوا إلى ملعب الإعلام، وشاركوا في المباريات الحامية الوطيس التي كانت تجري في فضائه بدون كرة، وبلا انقطاع، وبلا صفارة، ولا قانون، فشاهدنا المتحدث الرسمي في الاتحاد السعودي وأقرانه في الأندية يصولون ويجولون في هذه المباريات الإعلامية التي كان جمهورها يفوق أضعافا جمهور ملاعب الكرة، وتنافست البرامج الرياضية، على استقطاب الجماهير بأي ثمن، فغضبت الأندية، وقاطعت، وحاولت لجنة الانضباط لجم ما اعتبرته فلتانا إعلاميا فأوقفت وغرمت، لكن هذا لم يزد ملعب الإعلام إلا حماسا، وسخونة، وجاذبية. (للحديث بقية). بوصلة: انتهى الموسم، والأذكياء هم من يستخلصون العبر، ويتعلمون الدروس، من تجاربهم وتجارب غيرهم الناجحة والفاشلة، ولا عذر لمن يكرر الأخطاء. [email protected]