تقع قرية حفار على الطريق الساحلي باتجاه القنفذة بنحو (90) كيلو مترا، حيث يقسمها إلى جزأين على يمينه وشماله ولكن القاسم المشترك بين سكانهما هو معاناتهم من تردي وانعدام الخدمات الصحية مما فاقم من تفشي الكثير من الأمراض المستعصية والمزمنة التي تحتاج لرعاية ومراجعة يومية، ويرتفع صوتهم بالشكوى والمطالبة بتوفير مركز صحي منذ أكثر من ربع قرن ولكن دون أي استجابة من الجهات المسؤولة. الحالات المرضية التي زرناها خلال جولة «عكاظ» تؤكد على معاناة حقيقية يعيشها أهالي القرية، ومنها حالة عوض بن عبدالله الصمداني، حيث أصيب بجلطة دماغية قبل عدة أشهر، دون أن يتمكن من مراجعة أي طبيب بالقرية، وحين تسوء حالته ينقل لأقرب مستوصف على بعد 30 كيلو مترا. الشاب غريب بن محمد يشير إلى أنهم لم يشاهدوا فرقة للصحة تزور قريتهم إلا قبل حوالى سبعة أعوام حين كانت تزورهم فرقة طبية مكونة من طبيب وعدد من الممرضات لمدة يوم واحد في الأسبوع حيث يشهد ذلك اليوم تزاحما كبيرا. ويعاني الكثير من الأهالي من أمراض مزمنة كشفت عنها قافلة جمعية زمزم الطبية في آخر جولاتها على القرية قبل أشهر، كارتفاع عدد المصابين بالسكر والضغط وأمراض التنفس والقصبة الهوائية وهشاشة العظام وضعف النظر والصداع النصفي والشقيقة خصوصا عند كبار السن والأطفال، كما لوحظ عدم اهتمام الأهالي بأمراض أطفالهم لكثرة مشاغلهم. مأساة الطريق يعود الشاب غريب بن محمد للحديث عن مأساة الطريق الساحلي السريع الذي يقسم (حفار) إلى شطرين دون أن يكون هناك طريق أو عبارة أو جسر للتواصل بين الشطرين أو لإبعاد الخطر عن الطلاب عند ذهابهم أو قدومهم من المدارس، مشيرا إلى أن الأحزان تلاحقهم في كل عام نتيجة للحوادث القاتلة ومنها أيام الأعياد التي لا يذوق فيها الأهالي طعم الفرح فيها نتيجة لحوادث الدهس. وأبدت امرأة مسنة تذمرها وشكواها من استمرار معاناتهم على ماهي عليه، مشيرة إلى اضطرار النساء إلى الانتقال للولادة في مستشفى القنفذة على مسافة نحو 100 كيلو، كما يتجشم زوجها ذو السبعين عاما عناء الانتقال إلى المستشفى يوميا لإجراء عملية غسيل كلوي. الشيخ غريب الصمداني شيخ قبيلة الصمدان أكد على أهمية إيصال استغاثتهم وصوتهم لوزير الصحة مباشرة حيث أخرج عريضة تشير إلى تقدمهم بطلب لإنشاء مستوصف منذ عام 1406ه دون أية استجابة، وقال ألا يكفي ربع قرن من الانتظار للحصول على مركز صحي صغير يخدم 6000 نسمة؟ كما أكد على حاجة القرية إلى المياه المحلاة والهاتف الثابت بالإضافة إلى سفلتة الشوارع وإنارتها وتحسين مستوى النظافة وإنشاء مرمى للنفايات. دفن سلم الزواهر حين خرجت من هذا الواقع المرير، مررت بقرية سلم الزواهر التي لا تبعد عن حفار بأكثر من 10 كم جنوبا، إذ أن وضعها الصحي لا يقل عن سابقتها برغم التسهيلات التي قدمها الأهالي في التبرع بقطعة أرض كبيرة منذ عام 1407ه لبناء مستوصف عليها. يقول الشيخ أحمد الحميري (من أهالي القرية) إن أكثر من 4000 نسمة من أهالي قرية سلم الزواهر سئموا العيش وسط الكثبان الرملية التي غطت منازلهم بالكامل وعزلتهم عن أقاربهم وفرضت عليهم عزلة إجبارية وطرقا صعبة للوصول إلى منازلهم. وأردف أنهم يعانون لمدة أربعة أشهر في كل عام من هبوب الغبرة التي تدفن منازلهم وطرقهم وأحياءهم، وأنهم تقدموا بأكثر من خطاب للبلدية بشأن هذه المعاناة لكنها لا تلبث سوى ساعات في القرية ثم ترحل، خاصة أن إمكاناتها ضعيفة لكونها حديثة. أمراض وبائية الشيخ عمر بن شاكر وعبدالله الحميري يؤكدان أن الحاجة ماسة لمستوصف بعد انتشار أمراض لم يعرفوها في الماضي كما هي عليه الآن، مشيرين إلى أن الكثيرين يعانون من مرض الكبد الوبائي بسبب تلوث المياه، لعدم وصول الشبكة إلى المنازل واعتمادهم على الشرب من الآبار ووايتات المياه، مما أدى إلى وفيات، الأمر الذي يحتم على وزارة الصحة دراسة الأمر والوصول لمعرفة أسباب انتشار تلك الأمراض. ولفتا إلى أن الموتى يحظون بخدمة أفضل من الأحياء، حيث قامت البلدية بتسوير ثلاث مقابر بالقرية فيما يتم تجاهل مطالبنا بخدمات الصحة والتعليم والبلدية منذ سنوات. من جهته، أشار رئيس مركز الشواق علي بن تركي الشريف إلى أنهم رفعوا طلبا لقرى حفار والشاقة الشمالية وسلم الزواهر بإنشاء مراكز صحية لحاجتها لها لاسيما قرية حفار، لافتا إلى أن افتتاحها يخضع لضوابط معينة إلا أنهم يسعون إلى خدمة الأهالي صحيا وخدميا وفق الإمكانات المتاحة. حقوق الإنسان عضو جمعية حقوق الإنسان معتوق العبدالله أكد أن الصحة حق أساسي وأن الليث من المحافظات التي تحتاج إلى خدمات صحية مكثفة وإلى صيانة للقائم منها، مشيرا إلى أن الليث برزت فيها بعض الأمراض التي تناقلتها وسائل الإعلام مما يستدعي تكثيف برامج للتوعية الصحية وجولات ميدانية لمسؤولي الصحة، وأضاف أن بعضا من أهالي الليث رفعوا قضية لديوان المظالم للمطالبة بالإنصاف.