منذ أن تسلم الأمير فيصل بن تركي سدة الرئاسة بنادي النصر، اختار لإدارته منهجية عمل، تعتمد على عزل النصر عن محيطه الشرفي والإعلامي وخبراته الفنية، وقد بارك النصراويون هذا التوجه، واعتبروه حقا من حقوق الرئيس بالرغم من عدم قناعة أكثرهم بهذه المنهجية المنغلقة، التي بدأت تتكشف آثارها في الضعف المالي وارتباك الخطاب الإعلامي، وقبل ذلك التراجع الفني في أداء الفريق، نتيجة الأخطاء الفادحة في القرارات الفنية التي كانت تعوزها الخبرة، ما أدى إلى انهيارات فنية طوحت بالفريق خارج الأربعة الكبار (فنيا) والذي انعكس على الحضور الجماهيري، حتى غربت الشمس عن مدرجه.. التحركات التي شهدها النصر بعد خروجه الحزين من كل البطولات، لا تعدو كونها محاولات شرفية وإعلامية في تنبيه سموه، على فشل تجربة الدائرة المغلقة في قيادة ناد كبير كالنصر، قابلها إصرار من سموه بالمضي للعام الثالث على التوالي على ذات النهج، مع زيادة مساحة التشتت بين مكونات النصر، والتي ستنعكس على مسيرة النصر في الموسم القادم، نتيجة التشظي الذي بعثر مكونات هذا النادي العملاق، مع أزمة مالية لا يمكن إنكارها، بالرغم من الصرف المهول الذي قامت به الإدارة، حيث صرفت هذا الموسم ما يقارب المائة مليون ريال، متمثلة في عقد الاتصالات ومكرمة خادم الحرمين، والخمسة وعشرين مليونا التي دفعها الرئيس حسب ما ذكر المتحدث الرسمي بنادي النصر، يضاف إليها قيمة عقود اللاعبين العنزي وراضي وبدر المطوع التي تكفل بها أحد أعضاء الشرف الكرام.. المشكلة الحقيقية التي تعاني منها إدارة النصر الحالية، أنها مسكونة بنظرية المؤامرة، فهي تعتقد أن أعضاء الشرف والإعلام النصراوي يتآمرون عليها، بل وصل الشك إلى اللاعبين عندما صرح الرئيس بعد إحدى المباريات بأن لاعبيه متخاذلون، وما لم تعالج الإدارة هذا الوهم، وتستمع لصوت النصح، وتدرس أخطاءها بجدية تامة، فهي لن تتعرف على أخطائها ولن تصححها، وسيكون الموسم القادم شبيها لهذا الموسم، لأن عدم معرفة حقيقة الأخطاء سيجعل العلاج لا يطالها طالما هي مجهولة.. دعوني أشير لظاهرة ذات مدلولات مهمة، وقد تكون غير موجودة إلا في النصر، فالسهلاوي وعبدالرحمن القحطاني، قيمة استقطابهما للنصر (51) مليونا ورغم ذلك لا يلعبان إلا نادرا، هذا يعني إما أنهما مقلب شربه النصر، أو أنهما قيمتان كرويتان لم يجدا من يستثمرهما، نتيجة غياب الفكر التدريبي، الذي هو نتيجة ضعف الفكر الإداري الذي استقدمه، وعلى هذا يمكن القياس .. توقعي الشخصي أن موسم النصر القادم لن يختلف كثيرا عن هذا الموسم، لأن الإدارة دخلت في صراعات إعلامية وشرفية، قد تستمر طيلة الموسم القادم، مع أزمات مالية مرهقة، ستحد من قدرتها على التعاقد مع مدرب محترم ولاعبين أجانب مميزين، ما لم تعد الإدارة ترتيب أوراقها المبعثرة.