“ فقدنا الصوت الذي يصدح داعيا إلى الصلاة كل يوم خمس مرات”. بهذه الكلمات تحدث مجموعة من سكان حي الضاحي شرقي بريدة ل «عكاظ» عن مؤذن مسجدهم الراحل عبد الله الربعي يرحمه الله تعالى، وقالوا إن جميع من في الحي يحترمونه ويقدرونه ويذكرونه بخير، فهو رجل مسالم ومحب للخير، وهمه الأكبر هو المسجد واحتياجاته حتى أنه كان أول شخص يدخل المسجد في أوقات الصلاة وآخر من يخرج منه بعدها. تحدثت أرملته عنه، قالت: «كان نعم الزوج والقدوة الصالحة لأبنائه وبناته، عودهم على حب الخير والصدق كان هينا لينا معهم»، واصفة حياته بأنها «حياة صعبة، حيث ولد عام 1350ه وفقد أمه وعمره 3 سنوات، وعاش في كنف أخته حتى سن السابعة، وكانت الأوضاع آنذاك صعبة جدا حيث كان الشخص لايكاد يجد قوت يومه، ولذلك استأذن والده وسافر مع شقيقه الذي يكبره بسنتين من بلدة الشقة شمالي بريدة إلى الرياض وهو في الثامنة لطلب الرزق». تزوج في ال 16 وتضيف أرملة الربعي: «وصل عبد الله إلى الرياض مع مجموعة من أبناء بلدته أكبرهم في الثانية عشرة، كان الحكم في وقتها للمؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وبعد أن وصلوا إلى الرياض بدؤوا العمل مع مجموعة من المواطنين في بناء قصر المربع في الرياض وكان أجره نصف ريال يدفع باليومية، وبعد أن عمل وشقيقه لسنوات في الرياض طلبهم والدهم بالعودة إلى بلدته والاستعداد للزواج، فعادوا إلى البلدة وتزوج في ال 16من عمره، وعلى مشارف بلدتهم وفي أرض حرة حفر مع شقيقه بئرا تناوب على حفرها مع شقيقه أربعين يوما تقريبا، حتى وصلوا إلى الماء، وعندها عمدوا إلى العمل في الزراعة في هذه الأرض، حتى أتى شخص في ذلك الوقت واستولى عليها، بعدها رجع إلى الرياض وعمل في التمور». وفي السنوات ال 13 الأخيرة من عمره عمل مؤذنا في مسجد الحي الذي يقطنه واستمر في هذا العمل حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى. قصة المرض وعن حياته الخاصة تحدثت ابنته هيلة قائلة: «كان مثالا للأخلاق والطاعة، وكنت أذكره وأنا أستذكر دروسي في عتمة الليل أسمع نحيبه وبكاءه مناجيا ربه كان يقوم في الساعة الثالثة صباحا ويصلي حتى موعد آذان الفجر». فيما أشارت ابنته وفاء إلى أنه يرحمه الله كان يحثنا على الأخلاق الحميدة وعودنا على صلاة الليل و «كان يقتطع من مرتبه البسيط مبلغا لمن يختم القرآن ويحثنا على قراءته»، وختمت أصغر بناته هيفاء 17عاما الحديث عن والدها رحمه الله قائلة: «لم أصدق أنني فقدته، كان حنونا وعطوفا لم أطلب منه شيئا إلا ونفذه، وكان يحب أن أسمع إليه ما أحفظه من القران». آخر أيامه ووصف ابنه فهد حاله في آخر أيامه: «كان والدي يرحمه الله لا يحب أن يشتكي لأحد كان صبورا جدا، يلجأ إلى الله في كل محنة تصيبه، رأيته في أحد الأيام ممسكا بمصحف كبير غير مصحفه الصغير ويقرأ منه، سألته عن مصحفه الأول، فذكر لي أنه يجد صعوبة في القراءة من المصحف لصغر الحروف، فأخذته إلى طبيب عيون أبلغني حينها أن المشكلة في شبكية العين وأجرى له عملية ليزر لم تجد نفعا حتى بدأ يفقد بصره تدريجيا، كان صابرا ويسأل الله أن يعينه على ما أصابه، بعدها بدأ يحدثنا عن ألم في صدره وبدأ يرفض الطعام والذهاب إلى المستشفيات، كنا نحترم رغبته ولا نريد إجباره على مالا يرغبه، حتى بدأ جسمه بالهزال بعدها طلبته ورجوته أن نجري فحوصات بسيطة للاطمئنان على صحته، وفي المستشفى اكتشف الأطباء وجود سرطان في الكبد، كانت صدمتنا شديدة لكننا تمالكنا أعصابنا ولم نخبره عن مرضه، ولكبر سنه ولانتشار المرض في جسده لم يستطع الأطباء إجراء أي علاج أو جراحة، كانت أياما مريرة جدا ونحن نرى صحته كل يوم في انحدار».