مل ساكنو مدينة جدة الانتظار والوعود التي يطلقها مسؤولو وزارة المياه والكهرباء والشركة الوطنية للمياه بين فترة وأخرى، حول انتهاء تنفيذ مشروع الصرف الصحي الكبير، الذي خصصت له مبالغ مالية تجاوزت السبعة مليارات ريال، إلا أن النتائج على أرض الواقع تساوي صفرا، رغم أن المشروع اعتمد تنفيذه قبل أكثر من خمس سنوات وحتى الآن لم يكتمل رغم الفترة الزمنية الطويلة، والسؤال الكبير الذي يطرحه الأهالي فيما بينهم «أين ذهبت المليارات السبعة فلسان حالهم يقول: مللنا وعود المسؤولين رغم أن مدينتنا أصبحت في خطر يتربص بها كل يوم». سكان العروس وزائروها ومرتادوها من داخل وخارج المملكة، لم يستوعبوا بعد، أن مدينة كجدة لا يوجد بها مشروع للصرف الصحي رغم أنه الأساس للبنية التحتية لأي مدينة في العالم، إلا أن جدة استثنيت من هذه الخدمة لأسباب مجهولة مازال الأهالي يبحثون عنها. «عكاظ» رصدت في جولة لها على العديد من أحياء المدينة المشاريع الجاري تنفيذها الآن لهذه البنية التحتية الهامة، ومازالت معدات وآليات المقاولين تعمل ليل نهار منذ أكثر من خمس سنوات دون الوصول إلى نتائج مرضية – حسب حديث أهالي المدينة -، الذين يطالبون بحل جذري وسريع لإنهاء هذه المشكلة التي يبدو أنها باتت مستعصية الحل. وتشهد المدينة حالياً تنفيذ هذه المشاريع منذ سنوات طوال وبدت الشوارع والطرقات الرئيسية والفرعية تعاني من آثار عمليات التنفيذ، حتى باتت «حفريات» الشوارع سمة بارزة لشوارع المدينة لا يخلو أي طريق أو شارع فرعي أو رئيسي من أضرارها. 12 في المائة، هي النسبة الفعلية للمناطق التي تغطيها خدمة الصرف الصحي في المدينة حالياً، والتي تم إنشاء مشروع للصرف الصحي فيها قبل 30 عاما، وأنشئت محطة معالجة للمشروع الذي يغطي حي الرويس ومنطقة البلد، إلا أن ذلك لايعد كافياً بأي حال من الاحوال إذا لم تكتمل المشاريع الحالية. بنية أساسية ورغم أن مشاريع الصرف الصحي كما يراها المختصون في تخطيط المدن، تعد البنية الأساسة التي يجب توافرها قبل تنفيذ أي خدمة أخرى سواء خدمات الكهرباء أو الاتصالات أو المياه، إلا أن المفارقة العجيبة في مدينة جدة، أن تنبه المسؤولون بعد مضي سنوات عديدة على تنفيذ مشاريع البنى التحتية الأخرى، لهذه الخدمة، وبدأوا في التخطيط والتنظيم وخصصت ميزانية تعد الاكبر في تاريخ المدينة المخصصة لمشروع حيوي كهذا، وصرفت وزارة المالية أكثر من 7 مليارات ريال للمقاولين لتنفيذ هذا المشروع الذي انتهت الفترة المحددة لتنفيذه قبل عامين إلا أنه مازال يراوح مكانه دون تحديد مواعيد دقيقة للانتهاء من تنفيذه. أمير منطقة مكةالمكرمة أولى هذا الموضوع جل اهتمامه وتباحث مع مسؤولي وزارة المياه والشركة الوطنية للمياه المعوقات التي واجهت هذا المشروع وأبرز السبل للوصول إلى حلول عاجلة للانتهاء من عمليات التنفيذ، وأكد أمير المنطقة في تصريح سابق عن مشاريع المدينة وبالتحديد مشروع الصرف الصحي، وقال إن المشروع يجب ألا يكون هناك تأخير في تنفيذه أكثر من التأخير الحالي، وهذه دلالة على اهتمام الأمير بهذه الخدمة الحيوية التي ستساهم حال الانتهاء من تنفيذها في تخليص المدينة من الكثير من الإشكاليات البيئية والمرورية. أهالي المدينة في العديد من الأحياء، أجمعوا على أن خدمة الصرف الصحي باتت حلما يراودهم، مؤكدين أن عدم الانتهاء من تنفيذه سيلحق بمدينتهم الكثير من الأضرار وسيفاقم المشكلات البيئية التي تعاني منها المدينة منذ سنوات في تربتها وأجوائها وشوارعها وحتى المتنفس الوحيد للمدينة لم يسلم من تلك الأضرار، وأصبح البحر يعاني من هذه المشكلة التي مل الأهالي الحديث والنقاش حولها. التفاتة جادة وطالب أهالي المدينة بالتفاتة جادة من أصحاب القرار والمسؤولين عن هذه الخدمة لإيجاد حل يضمن الانتهاء من التنفيذ في قت وجيز، وبينوا أن زيادة تأخير التنفيذ ستزيد من معاناتهم يوما بعد يوم سواء كان ذلك في الطرق المغلقة جراء عمليات التنفيذ أو في المياه الملوثة التي تغطي العديد من المواقع في أحياء وشوارع المدينة بسبب عدم وجود مشروع لتصريفها ونقلها إلى المواقع المخصصة لها. ويرى مراقبون أن الأسباب التي أدت إلى تأخر تنفيذ هذا المشروع تعد أسبابا طبيعية ومتوقع حدوثها، لاسيما وأن خدمة الصرف الصحي جاء تنفيذها بعد تنفيذ جميع البنى التحتية سواء خدمات الاتصالات أو المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الأخرى، حيث أدت هذه الخدمات السابق تنفيذها إلى عرقلة تنفيذ مشروع الصرف، وبدلاً من تكريس الجهود لتنفيذ الخدمة بات هناك جزء من الجهود يبذل في سبيل نقل الخدمات الاخرى المتعارضة مع مشروع الصرف، وتطلب هذا صرف ميزانيات كبيرة، لم نكن في حاجة لصرفها لو كانت هناك رؤية سابقة تم اتخاذها لتنفيذ هذه الخدمة قبل خمسين أو أربعين عاماً من الآن، إلا أن الأمر بات الآن لا يتطلب تأخيرا أكثر من ذلك في ظل التوسع العمراني الكبير والكثافة السكانية المتزايدة التي تعيشها المدينة التي تحتضن أكثر من 3 ملايين نسمة. إعادة الهيكلة فيما تعد إعادة هيكلة وزارة المياه والكهرباء وفصل خدمة المياه عنها قبل عامين سبباً في تأخير المشروع، بسبب نقله من وزارة المياه إلى الشركة الوطنية للمياه التي تولت كامل المسؤولية وبدأت في إعادة ترتيب أوراقها لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة، وحسب مصادر «عكاظ» في الشركة أن عملية تنفيذ المشروع تتم وفق خطة تنظيمية تظمن الانتهاء من تنفيذ المشروع في أسرع وقت ممكن دون أن يحدد وقتا زمنيا لذلك، لافتاً إلى أن أهم أولويات الشركة هو الانتهاء من هذا المشروع، الذي أنجز منه حتى الآن أكثر من 70 في المائة، والمتضمنة الخطوط الرئيسية والفرعية وأجزاء كبيرة من محطات المعالجة شمالي وجنوبي المدينة بطاقة إنتاجية تصل إلى 250 ألف متر مكعب، لكل منها، فيما تبقى تنفيذ المرحلة الاخيرة وهي إيصال الخطوط الداخلية وتوصيلها بالمنازل وإدخال الخدمة إليها مباشرة، وهذا لن يستغرق وقتاً طويلاً في ظل إنجاز نسبة كبيرة من المشروع. ولم تنف مصادر «عكاظ» وجود عقبات واجهت تنفيذ المشروع سواءً كانت من قبل الشركات المنفذة وتقاعس بعض المقاولين أو بأسباب فنية كانت في بعض الأحيان خارجة عن السيطرة، في ظل وجود خدمات أرضية أعاقت تنفيذ المشروع في بعض المواقع خلال الفترة المحددة، مما تطلب اتخاذ إجراءات لتنفيذ الخدمة بطريقة تضمن عدم إلحاق الضرر بالخدمات الأخرى.