للدكتور محمد آل زلفة قلم في غاية العذوبة، لذلك فإن من يقرأ له ينغمس في القراءة فينسى الزمن ويغفل عما حوله فما يعود يشعر بشيء سوى انسياب الكلمات إلى ذهنه، حتى إذا ما بلغ نهاية الحديث اكتشف أنه قرأ صفحة كاملة من الجريدة خالية من الصور والإعلانات مملوءة بجداول الكلام، فأنهاها بأكملها ولم يشعر بملل أو يحس بمرور الوقت!! في عدد السبت الماضي نشرت صحيفة الجزيرة على صفحة كاملة محاضرة للدكتور محمد آل زلفة كان مقررا أن يلقيها قبل أيام في النادي الأدبي ولكن لأمر ما، لم يحدث ذلك، فنشرتها الجزيرة، موضوع المحاضرة عن تاريخ المرأة المعاصر في بلادنا، وقد استند المحاضر في تناوله له على مصادر مباشرة كالوثائق التاريخية العسكرية، أو ما كتبه بعض الرحالة الأجانب، أو ما يرويه بعض المسنين من أبناء المنطقة، أو من خلال تجاربه الشخصية أيام طفولته. والذي يقرأ حديث الدكتور آل زلفة عن حياة النساء في المملكة قبل بضعة عقود يدهش!! ليس لما كانت عليه المرأة من تمكن واستقلال وثقة بالنفس واحترام للذات، وإنما لما آل إليه حالها هذه الأيام! فمن أجمل الصور التي يعرضها المحاضر الفاضل لحياة المرأة في بلادنا قبل نصف قرن من الآن صورة الاحترام الكامل للمرأة الذي تبدى في الثقة فيها، بحيث كان يمكنها السكن في منزل مستقل عن والديها متى كانت أرملة أو مطلقة أو كبرت وهي عازفة عن الزواج. وكان يمكنها أن تفتح بيتها للضيوف فتؤويهم وترعاهم وزوجها غائب، من غير أن تخشى لوما أو نقدا أو اتهاما أو إنكارا لما تفعل. فالمجتمع كان ينظر إليها على أنها ذات إدراك وتمييز مثلها مثل الرجل. من ذكرياته الخاصة يتحدث المحاضر الفاضل عن أيام طفولته حين كان في المرحلة الابتدائية وكانت امرأة، هي المتعهدة بإحضار الماء إلى المدرسة، وكانت المرأة، تتدخل لدى بعض المدرسين إذا مارس قسوة جائرة على الطلاب الصغار. كما كانت تقوم بدور تعريف الأمهات على المدرسين وتساعدهن حينما يأتين لمعرفة أحوال أبنائهن. كما يذكر أنه عند كتابة دراسته عن تاريخ المقاومة ضد الحكم العثماني المصري المشترك في منطقة عسير، استعان ببعض المصادر التاريخية العسكرية من الأرشيف المصري والعثماني والبريطاني والفرنسي والنمساوي، وأنه وجد فيها حقائق تاريخية مهمة منها «أن المرأة لعبت أدوارا لا نقل عن أدوار أبطال المقاومة من الرجال». وقد ذكر أحد المصادر الفرنسية أخبارا عن مشاركة المرأة في نجد في مواجهة الحملات العسكرية الكبرى، وقد نصت تلك المصادر على «أن النساء في الدرعية ومنهن الأميرات السعوديات كن يحملن الذخائر على أكتفاهن إلى المدافعين في الأبراج الحربية، وكن يسهمن في كل مساء في ردم الثلمات التي تحدثها مدفعية العدو في كل نهار». سنكمل الحديث صباح الغد بإذن الله. فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة