استكمالا لحديث الأمس عن محاضرة الأستاذ الدكتور محمد آل زلفة عن تاريخ المرأة المعاصر في بلادنا، والتي تضمنت عرض أخبار كثيرة عن إسهامات المرأة المتنوعة في تاريخ هذه البلاد الكريمة على مختلف الوجوه السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، وهي إسهامات تدل على نمط الحياة التي كانت تعيشها المرأة في المملكة، وهو نمط من العيش أتاح لها التمكن من المشاركة الإيجابية والفعالة، فكان لها دور جوهري في صنع تاريخ المملكة السياسي والعسكري والاجتماعي. لكن ذلك لا يرد له ذكر في معظم كتب التاريخ العربية المتداولة، وظلت أخبار إنجازات المرأة مغيبة في تلك الكتب، ولم يعن بذكرها وحفظها سوى قلة من الدارسين الأجانب المعنيين بالبحث في تاريخ المنطقة. تجاهل إنجازات المرأة التاريخية رغم أهميتها، هو خيانة للتاريخ وللوطن وجحود لحق المرأة في أن تخلد أفعالها. يقول المحاضر الفاضل: «قرأت عن دور الأميرة موضي بنت وطبان زوج الأمير محمد بن سعود بالرأي والمشورة في بداية تكوين الدولة السعودية الأولى، ثم علمت من بعض من روى لي بعض الأخبار أن هناك من يقول (لا تأتوا على ذكر النساء عند الحديث عن تاريخنا الوطني)»!! ويدعم المحاضر هذه الرواية بتجربته الشخصية حين ترجم ما أورده الرحالة ويليم بلجريف، عن مدينة الرياض في عهد الإمام فيصل بن تركي متضمنا ذكر إحدى بنات الإمام التي كانت تقوم بكتابة رسائل والدها السياسية المهمة وبعض أعماله الأخرى، لكنه لما بعث بذلك المقال إلى مجلة التوباد لنشره اعترض الرقيب عليه بحجة ذكر ابنة الإمام فيصل وهي (خصوصية عائلية) لا يجب ذكرها، ولم ينشر المقال إلا بعد أن عرضه الكاتب على الأمير سلمان بن عبدالعزيز ليحكم في صلاحيته للنشر!. بمثل هذا المنطق الضيق تحجب إسهامات المرأة في صنع التاريخ وبناء المجتمع، وهو منطق، إن أردنا الإنصاف، ليس محدثا وإنما هو يجري في أفكار بعض الناس منذ القرون الأولى للإسلام. فمعظم كتب التاريخ العربية تستبعد إنجازات المرأة، وإن ذكرتها فعلى سبيل الاستخفاف والتهكم كما فعل ابن خلكان حين أورد خبر ليلى بنت الطريف مستخفا بها بعد أن تولت قيادة الكتيبة المقاتلة إثر مقتل قائدها أخيها الوليد. أو تذكرت إنجازات المرأة عرضا عند الحديث عن بعض مشاهير الرجال الذين كانت لهم صلة بالمرأة ذات الإنجاز، كما هو الحال عند ذكر كثير من الفقيهات والمحدثات اللاتي غالبا لا يرد ذكرهن إلا عند الحديث عن تلاميذهن المعروفين. أما أن تذكر إنجازات المرأة لذاتها بالتقدير الذي تستحق، فهذا ما غيب التاريخ كثيرا منه. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة