إن من يلحظ المشاريع ويرى حجم العقود المليارية والأرقام المهولة بالأصفار وتصاريح المسؤولين يستغرب تأخرنا في علم الرياضيات، وليس عندي أدنى شك من أن مسؤولي الشرق هو الأفضل نطقا للأرقام على مستوى العالم، وكم نتمنى أن يلازم سلامة النطق سلامة الفعل، فقد حان الوقت أيها المسؤولون أن تحدثوا العاقل بما يعقل، خصوصا بعد حجم الفساد المتزايد بين حين وآخر. نحتاج مع الدقة في وضع الأرقام على الورق إلى الدقة في التنفيذ، فهو أهم من شاشات التلفزة ومن أضواء الشهرة التي انساقوا إليها بحثا عن تلك الفلاشات المغرية. لقد ظهر في الآونة الأخيرة سباق من نوع آخر يحدث بين طبقة المسؤولين فتنافسوا على الإعلام بشتى صوره من مرئي ومسموع ومقروء بغرض الشهرة، وهو ما أفقدهم التركيز في مهماتهم، وعند النظر والتأمل في تلك التصاريح تجدها شاملة على (سوف) ممتلئة ب(عل) خالية من (إنا لفاعلون). لاشك أن أسلوب المسكنات والمهدئات التي نلحظها من قبل المسؤولين أسلوب قديم، فالشعارات التي تظهر بين حينِ وآخر (نعمل من أجلكم) (نأسف لإزعاجكم) (نحو بيئة صحيّة) أصبحت غير فعالة في هذا العصر، والمواطن أصبح واعيا ومدركا حجم هذه الشعارات.