مركاز العمدة سمة يختص بها عمد العاصمة المقدسة، ومنها انطلقت هذه العادة إلى بقية مدن المملكة، والمركاز هو المكان المخصص لجلوس عمدة الحي، وغالبا ما يكون في الهواء الطلق، وفي مكان بارز نسبيا، ويجمع كبار السن ووجهاء الحي لتداول ومناقشة القضايا بشفافية تامة، فضلا عن كونه صالونا أدبيا وسط الحي. ففي مركاز عمدة حي الهجلة، يتوسط محمود بيطار مركازه كعمدة للحي، ويحيط به عدد من السكان الذين يحملون ذكريات من الماضي ونظرة للمستقبل، ويتمتعون بحب حيهم ومدينتهم المقدسة، وكان الجميع يتابع باهتمام مباراة في كرة القدم يدور رحاها بين فريقي الوحدة وفريق آخر منافس، خصوصا أن الحي معروف بحبه لفريق الوحدة ولكل ما ينتمي لهذه البقعة الطاهرة، وبما أن المباراة كانت غير منقولة، كان العمدة يتابع مجرياتها عبر الهاتف وينقل نتائجها لجلسائه بين فترة وأخرى. ويعالج العمدة بيطار في الغالب، مشاكل خلافية بسيطة، بين المعتمرين وأصحاب الفنادق، وهنا قال: «نتمكن من حل هذه المشاكل أولا بأول، فضلا عن ذلك نواجه سيلا من المعتمرين التائهين ونقوم بتوجيههم إلى وجهتهم، ونتسلم أحيانا بعض المفقودات ونسلمها بدورنا للجهات المختصة». وأضاف: أوجدنا هذا المركاز حتى نتابع عن قرب مشاكل سكان الحي ومعرفة كل ما يدور فيه أولا بأول، وزاد: «المركاز عادة مكاوية علينا الحفاظ عليها من الاندثار». وقال: نتواجد بصفة يومية في هذا المكان بحضور عدد من سكان الحي كلا حسب ظروفه، ومنهم كبير السن والصغير، ومنهم من له حاجة؛ سواء أكانت مادية، شفاعة أم مشكلة أسرية، ودورنا يكمن في المساعدة بكل ما نستطيع، وتمكننا من حل جلها ونضطر أحيانا إلى دفع مبالغ مالية في سبيل إنهاء الخلافات. حديث المجلس الذي كان يدور بين الحاضرين لحظة زيارة «عكاظ» للمركاز، حول المشاريع الخدمية المنفذة في العاصمة المقدسة، وكان مختار عبدالرشيد، يتحدث عن هذه المشاريع بشيء من الفخر والسعادة، خاصة مشروع توسعة المسجد الحرام ومشروع جبل عمر ومشاريع الأنفاق والطريق الموازي، وهنا تطرق محمد حسن بيطار، إلى ماضي مكةالمكرمة، وقال: «كانت مكة في الماضي عبارة عن حوارٍ وأزقة، وكيف تحولت في وقتنا الحاضر إلى عمائر وأبراج سكنية ومشاريع عملاقة»، وأضاف: «لو حدثني أحد قبل 30 عاما عن المستقبل الذي وصلت إليها الآن لقلت عنه مجنون، ولكن قيادة هذه البلاد منحت العاصمة المقدسة الأولوية في تنفيذ المشاريع العملاقة التي سيستفيد منها الحاج والمعتمر والزائر والمقيم». وزاد بيطار قائلا: نفاجأ في كل مرة بمشاريع الإزالة الرامية إلى تطوير المدينة، ونأمل أن يكون لدى سكان الحي العلم الكافي بالمشاريع التطويرية وما يصاحبها من عمليات إزالة لتدبير أمورهم وحتى لا يفاجأ الجميع، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الشقق السكنية الحالية التي تلامس السماء. وتابع: «اشتريت قطعة أرض قبل 40 عاما بخمسة آلاف ريال في العزيزية، وكانت -وقتها- تسكنها الثعالب، وحاولت بيعها ولم أجد من يشتريها حتى بالتقسيط ولم أفلح، والآن يقدر سعرها بالملايين، وأتمنى أن تنخفض أسعار العقارات في مكة حتى يستطيع الشباب بناء مساكن لهم، وننتظر تنفيذ الأمر السامي القاضي ببناء مساكن للمواطنين، وينعكس بدوره في أسعار العقارات». من جانبه، أشار المسن كامل بخاري، إلى نعمة الأمن والأمان التي تعيشها المملكة، وقال: كنا نخشى الخروج من منازلنا بعد صلاة العشاء، وكانت السرقات منتشرة بشكل واسع، والآن بات الإنسان يشعر بطعم الأمن الحقيقي والأمان، وأستطرد قائلا: «نحن في هذا البلد محسودون على هذه النعمة، فما نراه الآن في الدول المجاورة، من فوضى يكتوي بنارها مواطنو هذه الدول، لهو شيء يحز في النفس، وعلينا الإكثار من الشكر لله لهذه اللحمة والتكاتف بين الشعب والقيادة التي تبذل الغالي والرخيص في سبيل راحتنا وأمننا وأماننا، وخلص إلى القول: «من عاش في الماضي يعرف نعمة الأمن والأمان الذي نعيشه حاليا». من جهته، وصف على زيني سايس، المشاريع التنموية الحالية في مكةالمكرمة، بالنقلة النوعية التي تثلج الصدر وتدل على اهتمام الدولة بهذه المدينة، وأضاف: نأمل أن ينال التطوير أيضا قطاع النقل وأن تدخل خدمة القطارات بصفة عاجلة إلى هذه المدينة؛ للحد من مشكلة الزحام والاختناقات المرورية، خاصة في المواسم التي تشهد فيها المدينة كثافة مرورية. ويرى مصلح الشيخ، أن التطور له فوائده، ولكن يترتب عليه ضريبة باهظة -على حد قوله-، وأضاف: بناء المشاريع الكبيرة وهدم الأحياء العشوائية شيء مطلوب، إلا أن هذا الفعل يقابله ارتفاع حاد في أسعار العقارات وندرة في المساكن، لذلك لا بد من السير في طريقين متوازيين، وإيجاد بدائل مناسبة وألا نثقل كاهل المواطن العادي. وهنا يلتقط الحديث العمدة محمود بيطار قائلا: «نحن محسودون على هذه النعمة التي نحن فيها، فالأمن والتلاحم بين الشعب والقيادة أغاظ البعض ممن كانوا يبحثون عن سبل لزعزعة الأمن في هذا البلد الآمن، ولكن هيهات، فنحن شعب واحد، عقيدتنا واحدة، متلاحمون تحت راية التوحيد تحت قيادة عبدالله بن عبدالعزيز الذي حمل همنا في قلبه وأصبح يبحث عن راحة هذا الشعب الذي أحبه، فبادله حبا بحب». ولم يغفل حديث مركاز عمدة حي الهجلة، موضوع الساعة وحديث المجالس في وقتنا الحالي؛ أي انتخابات المجالس البلدية، الذي أثاره مختار عبدالرشيد، بالسؤال عن مستجداته وما وصل إليه، فبادره العمدة بالقول: «شاركنا بالتسجيل، ووضعنا لوحات مساهمة منا لحث السكان على المشاركة فيها، وهنا رد كامل بخاري بالقول: «آمل أن يكون المرشحون عند حسن الظن، ففي الانتخابات السابقة دعمنا مرشحينا ولكن خدماتهم كانت محدودة، أما في الانتخابات الحالية نتمنى أن يلامسوا حاجة المواطن أكثر بعيدا عن اهتمامهم وبحثهم عن الوجاهة الاجتماعية، وأن يكونوا عند وعودهم التي يطلقونها أثناء حملاتهم الانتخابية، فيما أشار مصلح الشيخ إلى واجب المشاركة في الانتخابات البلدية الحالية باعتبارها واجبا وطنيا، وأن يمنح المواطن صوته لمن يستحقه.