حسب ما ذكرته صحيفة الرياض يوم الجمعة الماضي، فإن وزارة الداخلية قد أصدرت خلال العام الماضي ستة آلاف تصريح لمواطنين بالزواج من أجانب، كانت نسبة المواطنات بينهم 10%. أي أن 90% من المتزوجين من خارج الوطن هم الرجال. وزواج الرجال من خارج الوطن متى ارتفعت نسبته يمثل تقليصا لفرص المواطنات في الزواج من داخل الوطن، فتضطر بعضهن إلى الزواج من الخارج. ومغبة زواج الرجال من خارج وطنهم تختلف عن مغبة زواج النساء. ففي حالة الرجل المتزوج من أجنبية هو لا يجد مشكلة مع النظام فأولاده تلقائيا يعدون مواطنين وزوجته يحق لها الحصول على الجنسية متى انجبت ورغبت في ذلك، لكن مشكلاته تظهر في صور أخرى، في تربية الأطفال الذين هم غالبا يتأثرون بثقافة أمهم وانتماءاتها أكثر من تأثرهم بأبيهم، فينشأون وخيوط انتماءاتهم إلى وطنهم واهنة يشعرون بالاغتراب وهم في بلدهم، أما إن وقع الطلاق فإن معظم القوانين الأجنبية تعطي الأم حضانة القصر، فتعود الأم الأجنبية إلى بلادها مصطحبة معها أولادها السعوديين لينشأوا بعيدا عن الوطن والدين والقيم. أما في حالة زواج المرأة من أجنبي، فإنها تواجه مشكلة بقاء أولادها في حكم الأجانب الذين عليها أن تكفلهم وأن تستخرج لهم ولأبيهم إقامات تدفع عليها رسوما سنوية، وأن تظل بقية حياتها تعاني من كون أولادها يعدون في نظام البلد غرباء، رغم أنها قد نشأتهم على حب الوطن وأهله واكتساب ما فيه من قيم وعادات، فتكونت لديهم انتماءات قوية تربطهم ببلد أمهم حتى لا يكادون يشعرون بانفصالهم عنه لولا تلك الأوراق الرسمية التي تذكرهم بغربتهم. الزواج المختلط حالة موجودة في كل العالم، وما كان لها أن تكون قضية تشغل أعضاء مجلس الشورى لو لم تتجاوز سعة انتشارها الحد المقبول، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى ذلك الزواج!! ما يبدو واضحا أن دافع الرجل إلى الزواج من الخارج هو غالبا يختلف عن دافع المرأة، فالرجل غالبا يكون دافعه البحث عن المتعة، زواجه من قبيل التزود والترف، أما المرأة فهي غالبا يكون دافعها الاضطرار، فعندما ترتفع نسبة السعوديين المتزوجين من الخارج ترتفع معها نسبة السعوديات الباقيات من غير زواج. ومتى تذكرنا أن المرأة بحسب العرف العام، تخطب ولا تخطب فإنها قد تظل تنتظر وتنتظر ولكن الرجل المناسب لا يجيء، ولأن المرأة بيولوجيا ليست مثل الرجل بإمكانها الإنجاب في أي مرحلة من مراحل العمر، فإنها يصيبها القلق عندما يمضي بها العمر من غير زواج خشية أن تصل مرحلة الجدب وفقد القدرة على الإنجاب، فتضطر إلى الزواج من الخارج نزولا عند تلك الضرورة البيولوجية. كنت أتوقع أن يدور الحوار في المجلس حول الجوانب الإنسانية التي تضطر المرأة إلى الزواج من الخارج، وإلى معالجة ما تعانيه من متاعب عدم تجنيس أولادها، إلا أن المجلس اتجه إلى نقاش الموضوع من جانب (ذكوري) النظرة تماما. مركزا على التحذير من الزواج المختلط خشية أن تكون المنافع المادية هي الدافع وراء زواج الأجنبي من السعودية كالحصول على الجنسية وتحسين وضعه الاقتصادي. وهذا التوجس قد يكون حقيقة ولكن ما الذي يضير في ذلك؟ ما الذي يضير أن يمنح زوج المواطنة غير السعودي الجنسية كما هو الحال مع زوجة المواطن غير السعودية؟ وما الذي يضير حين يبحث زوج المواطنة غير السعودي عن عمل في بلدنا المملوء بغيره من العاملين غير المواطنين؟ أليس من الأفضل أن يعمل الوافد المتزوج من سعودية بدلا من أن ينتشر بيننا الوافدون العزاب الذين قد يشكلون خطرا أخلاقيا على المجتمع؟ ثم إن المطامع التي تزين الزواج من السعودية هي نفسها المطامع التي تزين الزواج من السعودي، فالأجنبيات هن أيضا لا يقبلن الزواج من السعودي «لسواد عينيه» حسب تعبير أحد أعضاء المجلس وإنما هي الآمال الممتدة في المنفعة المادية. وخلاصة القول إن النساء في حاجة إلى تسهيل زواجهن من خارج الوطن وليس إلى تعقيده، وذلك لأنه في غالب الحالات لا تلجأ المرأة إلى ذلك إلا للضرورة، فلا تقف أيها المجلس عقبة تحرم النساء من أن ينعمن بحياة أسرية طبيعية. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة