أتابع باهتمام كبير ما يخطه يراع الدكتور الفاضل محمد القنيبط في صحفنا وأتابع بكثير من الاهتمام قضاياه، فهو صاحب الموقف المشرف في قضية انهيار الأسهم والذي خاض معارك غير عادية مع البيروقراطية والفساد في أكثر من محفل. رجل مثل الدكتور محمد القنيبط فعلا جدير بالاحترام والتقدير. إلا أن المقالة الأخيرة التي مهرت باسمه ونشرتها جريدة الحياة تحت عنوان: «تصنيف الجامعات وإعلان الرياض: ذهبت السكرة وجاءت الفكرة» لم تسر في نفس النظام الذي حفظته عنه فيما سبق. كلنا مع الدكتور القنيبط في أن وضع التعليم في بلادنا بشقيه (العام والعالي) لم يصلا بعد إلى المستوى المطلوب، وأن النقد لبرامج وخطط ومسيرة الوزارتين لا بد أن يستمر، بل النقد لأداء كل أجهزة الحكومة هو صمام أمان من شأنه أن يكفل استمرار ونجاح مسيرتنا التنموية الوطنية، بشرط أن يكون نقدا بناء يرتكز على العلمية والدقة والنزاهة، وقد قرأت لصاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز مقالا في الأيام الماضية يؤكد فيه تأييده للنقد الذي يستند على المعلومة الصحيحة الدقيقة وينتقد ويحذر من النقد المبني على الشائعات وأحاديث المجالس، دون الرجوع إلى الجهة المنتقدة أولا للتأكد من صحة الخبر، أو معرفة جوابهم قبل الكتابة. هذا التثبت سيعرف الكاتب بحجج الطرفين فلا يكتفي بترديد الإشاعات ولا ينجذب وراء تشجيع «الهتيفة» فتكون صورته غير لائقة، وبحيث يتولد نوع من الشك في نزاهة قلمه أو رجاحة عقله. معنى ما قرأته للأمير سلمان هو أننا متفقون تماما على أهمية وضرورة النقد بشرط التزام الدقة والعلمية والنزاهة. لا أشك بتاتا في اجتماع الصفات الثلاث في قلم الدكتور محمد القنيبط، فالرجل له تاريخ مشرف يحق له أن يفاخر به سواء من خلال عمله في مجلس الشورى أو من خلال عمله كرئيس لمجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، أو من خلال كونه كاتباً معروفاً ومتابعاً. إلا أن مقالة الدكتور القنيبط الأخيرة من وجهة نظري قد خرجت عن السياق الذي اعتدناه، فقد شن الدكتور هجوما عنيفا على جامعة الملك سعود وكأنها هي سبب تأخر جامعاتنا السعودية، وهنا نقطة الخلاف، فجامعة الملك سعود في السنوات الأخيرة قد خطت خطوات ممتازة على كافة الأصعدة، تستحق الإشادة والتقدير، فلم نعد نرى في الكادر الإداري للجامعة ما كان موجودا من مناطقية وتحيز، والقضاء على المناطقية والتعصب واحتكار المناصب هي من وجهة نظري أهم خطوة يمكن أن تخطوها أي مؤسسة كانت في اتجاه الطريق الصحيح، من حيث القضاء على الفساد الإداري وتساوي الجميع في تداول الفرص الوظيفية، بعدالة. وقد استطاعت الجامعة بجهد جبار أن تعزز رصيد أوقاف الجامعة بشكل غير مسبوق بحيث وصلت أوقاف جامعة الملك سعود إلى أربعة مليارات ريال، وكل هذا يجب أن يحفظ لها ويقدر، وهو ما جعل جامعة الملك سعود هي التي في الواجهة اليوم على صعيد الإنجاز والتقدم على مستوى جامعاتنا في المملكة. وأخيرا.. أرى في مقالات الدكتور القنيبط، أن جهات معينة يرد اسمها كثيرا (وزارة المالية على سبيل المثال)، وأخشى أن يكون في نقد الدكتور شيء من الانتقائية والخصومة الشخصية وهذا ما ينبغي لأي كاتب أن ينأى بنفسه عنه وأن يجعل المصلحة الوطنية نصب عينيه دائما وأن يسمو على الخلاف، فالخلاف غير الاختلاف. والخلاف شر كله. [email protected]