ارتبط تاريخ البشرية بصراع الإنسان مع الطبيعة لإشباع غريزتي البقاء وحفظ النوع البشري. وحسم الإنسان نتيجة هذا الصراع لصالحه، وحصل على الهواء النقي والماء العذب، والغذاء المفيد الخالي من آثار المبيدات والكيماويات والهرمونات. وحتى يشبع طموحه إلى مزيد من الثروات من خلال النمو الاقتصادي، استخدم موارد الطبيعة لينتج ويستهلك أشياء أكثر واكثر، ونمت لدى الإنسان المهارات الانتاجية أكثر مما نمت لديه الحكمة والعقلانية فازدادت نسبة التلوث، وانتشرت الأمراض التي لم يعرفها الإنسان من قبل، وتردت أحوال البيئة إلى درجة تهدد كل مكتسبات الانسان في صراعه الأول مع الطبيعة، وعاد البشر مرة أخرى يبحثون عن الماء النقي، والهواء النقي، والغذاء الطبيعي. و تزايد الاقبال على شراء المنتجات الطبيعية التي لم يصادفها اجتهادات البشر، او المصنعة من مواد طبيعية، والأغذية التي تتكاثر بأسلوب الزراعة العضوية، والخالية من المبيدات، بالرغم من ارتفاع اسعارها. ولهذا لم يجانبه الصواب من قال: إن الإنسان بدأ حياته على الأرض وهو يحاول أن يحمي نفسه من غوائل الطبيعة، وانتهى به الأمر بعد آلاف السنين وهو يحاول أن يحمي الطبيعة من نفسه. فبعد أن كان اعتماد البشر على المنتجات التي قدمتها لهم الطبيعة، اتجهوا نحو تعديلها وإعادة تشكيلها ثم أضافوا لها مواد مستحدثة، فتغيرت طبيعة ومذاق واشكال المنتجات الطبيعية وتلوث العديد منها ليشكل خطرا على حياة أو صحة البشر. فقد تمت إضافة الملايين من المواد الكيميائية الصناعية إلى المنتجات التي تدخل الجسم بصورة مباشرة كالاغذية والمشروبات، أو التي تستخدم على الجسم كسوائل وكريمات ومعاجين التنظيف والتجميل، أو تستخدم داخل المنازل كمنتجات التنظيف والمبيدات. وقد لا تتوافر معلومات كافية عن السمية والأضرار الناجمة عن استهلاك المواد الكيميائية المضافة للسلع، بجانب تداخلات هذه المواد أو الأضرار الناجمة عن تفاعلاتها أو اتحاد بعضها ببعض، وهو ما يكون في كثير من الأحيان أكثر خطورة وأشد فتكا بالبشر. ولأسباب اقتصادية يحاول بعض المنتجين والتجار تجنب إجراء الاختبارات التي تحدد التأثيرات المزمنة والمتراكمة للمواد الكيماوية، مثل استخدام مادة الفورمالين في تصنيع بعض الأجبان لإطالة مدة صلاحيتها، أو استخدام هرمونات في تربية الدواجن لتعجيل نموها، واستخدام مضادات حيوية في الماشية لتقليل فرص تعرضها للامراض قبل بيعها، أو استخدام مواد مسرطنة في تصنيع بعض المواد الغذائية. ويوجد في الدول الصناعية مجلات متخصصة تنشر قائمة السلع التي يطلب منتجوها استرجاعها من المستهلكين وسحبها من الأسواق، لأنه ثبت ضررها على المستهلك ولكن هذه المجلات والنداءات لا تصل إلى جميع الدول التي تم تصدير هذه السلع إليها.