انتظر القدساويون كرم الآخرين، ولم يأت هذا الكرم، دون أن يعتمدوا على أنفسهم، قبل أن تقع الفأس في الرأس، ويهوي فريقهم ل«دهاليز» الدرجة الأولى .. سقط «بنوقادس» عبارة كررها محبوه ثلاث مرات، خلال عقد ونيف، ترنح المارد الأصفر، ثم سقط، بل هوى .. عبارتان لم تكن مستغربتين لدى أبناء الخبر، عندما فرضت نتائج جولة الختام من دوري زين مغادرة فريقهم للمرة الثالثة، تاركا المكان لغيره، وسط حزن عميق لدى مدرب الفريق البلغاري ديمتروف، الذي ذرف دموعا ساخنة، ربما لم يشعر بها سواه، ليلة أن تقمص «الجار» دور الحاكم والجلاد، في آن واحد .. الاتفاق يكسب بطريقة مشروعة، ليقف على عتبة آسيا، حيث الشهرة وملاحقة الأضواء القارية، ولم يتألم لدموع ديمتروف المغادر إلى بلاده، حاملا هما ليس له، بل قاسم أصحابه فيه، وربما تسبب فيه، وهو أسف حتما سيعكر تاريخه التدريبي. هذا ديمتروف .. غير أن ألما أشد وأنكى تجشمه أبناء الخبر، ومحبو القادسية، فهذه المرة جاءت الخسارة أكثر قسوة وموغلة في الألم. رئيس النادي «الهزاع» ربما تأثر بالسقوط، ولكنه دارى ما يمكن من (انتكاس) نفسي، وواسى ديمتروف بقوله (هاردلك) من بين شفتين صفراوين، وجاء الأمر عاديا لدى بعض أعضاء مجلس إدارته، بينما أمين عام النادي والمشرف العام على كرة القدم عبدالعزيز الموسى اكتفى بملاحقة بعض الجماهير للرد على الشتائم التي واجهته، والانتقادات التي طالت الإدارة القدساوية، بعد الخسارة والهبوط، وعندما لمح بعض الإعلاميين يسيرون باتجاهه انسحب ببراءة (المستضعف) وتقوقع مسؤول الاحتراف، ولم يحضر للمباراة، بينما تواجد في منصة كبار الضيوف الناطق الإعلامي للنادي، ولكن ليست منصة مباراة القادسية والاتفاق، بل مباراة الهلال ونجران. الجماهير القدساوية ليس أمامها سوى تحميل إدارة الهزاع مغبة الهبوط، بل رددت كلمة «ارحلوا». سنة قدساوية «كبيسة» مليئة بالأشجان .. نتائج سيئة .. تبادل اتهامات .. شكاوى .. انتخابات مهترئة .. تخبطات .. تعاقدات خائبة.. وسقوط مدو. ويتذكر القدساويون أن زيادة عدد فرق دوري المحترفين إلى (14) فريقا في الموسم الماضي جاءت كطوق نجاة، دون أن يتيقنوا الدرس .. وعجيب أمرهم، فقد تذكروا (الطبيب النفسي) في الوقت القاتل، ولم تنفع الوصايا النفسية التي قدمها الدكتور الصيني، ولم يستطع بعلمه (المرهف) أن يصل للعمق. ونسي القدساويون، بل تناسوا الرواتب السبعة (المتأخرة) للاعبين، وراحوا يتشدقون بمكافآت البقاء. وحتما في يقين أغلب اللاعبين (جدية) البحث عن فريق ممتاز، يضمن لهم رواتب تسد حاجتهم، وبات انتقال البعض منهم مسألة وقت. وبالتأكيد سيرحل مدرب الفريق ديمتروف إلى (بلغاريا) وقد ينتظر تصفية مستحقاته المالية، وكذلك اللاعبون الأجانب، فلم يعد للوقت بقية، فالقادسية بات كالمجرة المهجورة، غير أن (لزوم) بقاء رئيس القادسية أشبه بالإقامة الجبرية، حتى تصفية حسابات كل المتعاقدين، أمام خزينة تئن ضعفا، فقد عجزت عن استخدام بند (الطوارىء) فكيف لها أن تكون كريمة، وقت بدء السنوات العجاف. واستمرارا لحالة الخواء الفكري، فقد اتهم الهزاع فريقي الوحدة والتعاون بالتحايل، بعد تأخرهما بالنزول للملعب كآخر ما يقدمه من أعذار، ظلت تترواح بين الصافرة، والإصابات، والظروف، والسيد (حظ) وحماقة بعض اللاعبين، وأخطاء ديمتروف، بغية استمالة المشجع القدساوي، ولكن .. سقطت ورقة التوت.