ثقافتنا المجتمعية تؤمن أن المكان الأنسب للمرأة هو البيت، وأن المرأة ليست في حاجة إلى العمل من أجل الإنفاق على نفسها، فنفقتها تقع على الرجل الأقرب إليها، ومن هنا فإن خروج المرأة للعمل يضحي في عرف هذه الثقافة من التزيد الذي لا حاجة إليه، بل إنه حسب ذلك العرف مضيع للأسرة مفسد للمجتمع. لكن هذه الثقافة نفسها، لم تحم المرأة من التعرض للفقر والضياع عندما يتخلى عنها العائل؟ في ثقافة كهذه لا ترى للمرأة حاجة إلى العمل من أجل الإنفاق على الذات، يفترض أن يكون هناك نظام واضح ومحدد يضمن للمرأة استمرار حصولها على النفقة من عائلها المكلف بالإنفاق عليها، بقوة النظام لا أن يترك أمر حصولها على النفقة رهنا بمروءة الرجل فقط. في أمثلة غير قليلة، تقبل المرأة ما تقوله الثقافة وتلتزم بالمواصفات التي يرسمها المجتمع للمرأة المثالية المتجسدة في البقاء في البيت والتفرغ لرعاية الزوج والأولاد وتنصرف تماما عن العمل بأجر، وقد تكون قبل الزواج في وظيفة جيدة ولكنها بعد أن تتزوج وتنجب تتخلى عن العمل استجابة لما تحثها عليه ثقافة المجتمع من أمر بالقرار في البيت والتفرغ الكامل لرعاية الأسرة. وفي بعض الحالات، بعد مضي السنين وتقدم العمر، وقد تتغير العلاقة بينها وبين الزوج وتكثر الخلافات بينهما، فيهجرها أو يطلقها ويغيب عن البيت تاركا إياها وأولادها منه بلا نفقة أو رعاية، فتجد نفسها في ورطة، خاصة متى كانت من أسرة فقيرة لا تجد من أفرادها من يعينها على مواجهة مشاق الحياة. هنا إن هي سعت إلى طلب العمل بأجر قد تجد أن الزمن تجاوزها وصارت (قديمة) بلا خبرة ولا تحديث، فيعز عليه العثور على عمل مناسب، وإن هي سعت إلى المحكمة تطالب الزوج بالنفقة، قد تحصل على الحكم بذلك، لكنها لا تحصل على النفقة المرجوة فالمدعى عليه لا يستجيب ولا ينفذ ما صدر عليه من حكم، فماذا تفعل مثل هذه المرأة؟ إن مثل هذه الحالات التي يتهرب فيها الأب أو الزوج الهاجر من الإنفاق على زوجته وأولاده، تقتضي إيجاد آلية نظامية تضمن حصول الأسرة على حقها الشرعي في النفقة من عائلها، وأظن أن وزارة العدل هي أقرب الوزارات لهذه القضية المرتبطة بتأمين حق الزوجات والأولاد في النفقة، ولعله مما يحفظ حق النساء في الحصول على النفقة أن تعمل الوزارة على إنشاء خزينة تابعة لها مخصصة لصرف النفقة للنساء اللاتي لهن أحكام بذلك بمجرد صدور الحكم. ثم تتولى الوزارة من طرفها مطالبة الأزواج أو غيرهم من المحكوم عليهم بدفع النفقة، بتسديد ما دفعته لأسرهم نيابة عنهم. هذه الطريقة تضمن أن تنال الأسرة حاجتها من النفقة المقرة لها شرعا، كما أنها ترفع عن النساء المستضعفات عبء متابعة الزوج ومطاردته لتنفيذ ما صدر لهن من أحكام، وذلك عندما تصير تلك المتابعة من مهام جهة رسمية أقدر على القيام بها. أي أن الوزارة في هذه الحالة تكون قامت بعملين إنسانيين عظيمين: صرف النفقة مباشرة للأسرة وكفها عن الحاجة وذل السؤال، وإراحة الزوجات من متابعة الأزواج المتهربين من تنفيذ الاحكام بقيامها بذلك نيابة عنهن. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة