لم يعارض احمد (35 سنة) ما طرحته زوجته هيفاء في شأن الانتقال الى السليمانية، احدى مدن اقليم كردستان (شمال العراق) حيث ينتظرها عمل جديد وبأجر مضاعف عما كانت تتقاضاه في بغداد، فضلاً عن تكفل الجهة التي ستعمل معها بتأمين سكن خاص بها. يؤكد احمد ان من الصعب أن يقاوم الزوج مثل تلك الاغراءات حيث تتهيأ فرص العيش بسلام بعيداً من الاستفزازات الامنية، كما الحال في العاصمة بغداد. وفي المقابل فإن سامي (40 سنة) يرفض الذهاب الى احدى دول الجوار حيث يقيم اهل زوجته الذين تعهدوا توفير سكن لائق لاسرته الى جانب فرصة عمل مناسب. سامي يؤكد ان «الاعراف والتقاليد التي يرتبط بها الفرد العراقي تعيب على الزوج ان يتبع زوجته في كل شيء وان كان ذلك يصب في مصلحة الاسرة». ويلفت الى ان «غالبية الازواج في العراق لا يحبذون فكرة الانتقال مع الزوجة إلى مكان عملها وان تحققت لاسرهم امتيازات ومكاسب مادية كبيرة». ويضيف: «قد تبدو القضية مقبولة لدى الازواج من الشباب المنفتح والذي يحاول مجاراة التطورات المدنية». ويرى مراقبون ان المتغيرات التي ضربت المجتمع العراقي عقب اسقاط النظام السابق أحدثت تغييراً ايجابياً في توجهات الاسرة بوجه عام والازواج في شكل خاص. ويؤكد الباحث الاجتماعي قيس التميمي ان «التغيير المفاجئ الذي احدثته الآلة العسكرية في البلاد افرز ظواهر جديدة على المجتمع ومن ابرزها تنصل بعض الرجال من مسؤولياتهم الزوجية بالاعتماد على مدخول الزوجة فضلاً عن تشجيع زوجاتهم على الالتزام بالعمل وانتهاز اية فرصة تطويرية وان كانت تقتضي تغيير السكن». ويضيف: «هذه التغييرات وان بدت واضحة في مجتمعنا الا ان هناك من يحاول التكتم عليها خشية ان يتهم بتجاوز العرف العشائري الذي يسيطر على غالبية العائلات العراقية». مشيراً الى ان «الحال المعيشية الصعبة وتفشي البطالة في البلاد يدفعان بالازواج الى القبول باقتراح الانتقال مع الزوجة حيث تعمل لا سيما اذا كان العمل الجديد يدر ارباحاً تتناسب وطموحات الزوج وتسد الكثير من حاجات الاسرة». ولذوي الزوج رأي في ذلك اذ ترفض «الحماة» انتقال ولدها الى حيث تعمل زوجته بحجة ان ذلك يقلل من احترام الزوج، ويمنح الكنة فرصة التسلط في اتخاذ القرارات الاسرية ما يثير حفيظة والدة الزوج. وتؤكد ام سمير (60 سنة) ان «موافقة الزوج لزوجته في كل شيء تنزع منه هيبته وتسحب صلاحياته الاسرية كرب للاسرة»، وتقول: «لو كان الامر بيدي لاصدرت تعميماً رسمياً يمنع الزوجات من ممارسة وظائفهن والتفرغ لادارة امور المنزل، ومنح الزوج الدرجة الوظيفية التي تتمتع بها زوجته بامتيازاتها كافة المادية والمعنوية». وتتابع: «من الصعب على والدة الزوج ان ترى ولدها وقد صار كالخاتم بيد زوجته تصحبه معها اينما حلت». مي، موظفة في احدى الوزارت تؤكد ان عملها يتطلب منها السفر خارج البلاد في شكل متواصل ما يدفعها للغياب اياماً واحياناً اشهراً، الا ان تفهم زوجها لطبيعة عملها كان عاملاً مهماً في استمرارها في العمل الذي يدر عليها ارباحاً كبيرة اسهمت وفي شكل كبير في تحقيق بعض احلام الاسرة. وتشير الى ان زوجها يتولى مهمة «تدبير امور المنزل والعناية بالاولاد طيلة فترة غيابي»، مضيفة: «في كثير من الاحيان كان يشير عليّ بالبحث عن عمل دائم خارج البلاد»، وتلفت الى ان «ثقافة الزوج وتدرجه المجتمعي يتحكمان بدرجة تفهمه لطبيعة عمل الزوجة». وعادة ما كان الازواج يغادرون البلاد بحثاً عن فرص عمل حيث تبقى الزوجة تعتني بأولادها بانتظار الحوالات المالية التي يحولها الزوج لتدبير امور البيت.