من عبارات تبرير السلوك التي يكثر ترديدها على ألسنة الناس عبارة (هو استفزني) أو (هي استفزتني)، يقولها الناس وهم يظنون أنهم قد وجدوا العذر المقبول لتبرير ما بدر منهم من تصرفات غير لائقة. تبرير السلوك غير اللائق بأنه وقع نتيجة التعرض للاستفزاز، تبرير مخجل لا أظنه يشرف قائله، فأنت حين تتصرف بما لا يليق بحجة أنك استفززت، تنفي عن نفسك حرية اختيار السلوك، وتجعل من ذاتك مجرد لعبة في يد المستفز يوجهك حسب ما يشاء هو، لا ما تشاء أنت، فتصير طوع يده، متى أرادك أن تصرخ صرخت، ومتى أرادك أن تنفعل استجبت!، إن القوة الحقيقية هي أن تتصرف بمحض اختيارك أنت وفق ما يمليه عليك تفكيرك وخلقك، لا أن تكون تصرفاتك مجرد ردود أفعال واستجابات لسلوك الآخر. قبل أيام نشر في الصحف خبر، وجدته طريفا، ووجده غيري مزعجا مثيرا للغضب والسخط، الخبر يقول إن أحد المحاضرين الأجانب، أراد أن يطعم محاضرته بشيء من الفكاهة والتبسيط لتوضيح بعض الاختلافات الثقافية بين المجتمعات، فوقع في ورطة ثقافية انعكس أثرها عليه سلبا، (وهذا خير دليل على أن محاضرته كانت فاشلة فهو نفسه لم يستفد منها رغم أن موضوعها عن الاختلافات الثقافية). قام هذا المحاضر بعرض صورة لكلب يرتدي (شماغ وعقال)، (فاستفز الناس) كما قالوا، رأوا في الصورة إهانة لهم، واستهزاء بهم فثاروا عليه وقاطعوه فاضطر إلى مغادرة البلاد عصر ذلك اليوم نفسه. لا أريد هنا أن أدافع عن الرجل فأنا لا أعرفه ولا يهمني أمره، ولكني لا أظن أنه كان من الغباء بمكان بحيث يتعمد عرض صورة على الناس يعرف أنها ستثير غضبهم ويرون فيها إهانة لهم، ما أظنه هو أن الرجل جهلا منه، حكم على ثقافتنا بمعيار ثقافة مجتمعه، واعتبر أن الصورة ستجلب الابتسامة وتبعث جوا من الفكاهة ييسر له إيصال المعلومات. لم يدر بخلده أن الأذهان المملوءة مسبقا بسوء الظن بالآخر من جهة، وفقد الثقة بالذات من جهة أخرى، ستستفز وتغضب وتتفاعل مع الحدث بطريقة حادة مثارة بوهم وقوعها هدفا للتهكم من الآخرين ومحطة لانتقاصهم!. وقبل أيام ظهر على جوجل رسم متحرك يمثل راقصة تنهض من مكانها وتبدل حركاتها ثم تنفض عن كتفيها رداء كان يغطيهما، جوجل تقول إنها وضعت ذلك الرسم إحياء لذكرى راقصة مشهورة، لكن البعض منا، غضب من ذلك الرسم ورأى فيه تصرفا يستفزه ويستثير غضبه، حيث فسر بأنه رسم يهدف إلى احتقار تقاليد المجتمع ويحرض النساء على إلقاء العباءات، وكان على واضعيه أن يراعوا تقاليد غيرهم وأن يحترموا مشاعرهم فلا يستفزونهم بطرح مثل هذه الصورة المسيئة!. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة