(لا يعرف الشوق إلا من يكابده، ولا الصبابة إلا من يعانيها)، بيت شعر رغم رقته إلا أنه أضحى مثلا حكيما تتداوله الألسنة للاستشهاد به على أن لا معرفة صادقة من غير تجربة، فالتجربة وحدها هي ما يجعلنا نعرف الأشياء حقا، فمهما وصف لك الأمر أو المكان، فإنك لن تعرفه تماما مثل أن يمر بك أو تكون فيه. خلال الأسبوع الماضي حضرت اجتماعا تمهيديا عقدته هيئة حقوق الإنسان لاستجلاء مشكلات النساء ومعرفة معاناتهن واحتياجاتهن، وذلك ضمن التهيئة للندوة التي تزمع الهيئة عقدها حول قضايا المرأة خلال الشهور القادمة. كانت مجموعة الحاضرات تمثلن قطاعات متنوعة من النساء، من الجمعيات الخيرية والإنسانية ومن الغرفة التجارية والشؤون الاجتماعية ومعاهد المعاقات وبعض ممثلات الرأي العام. كان اللقاء ساخنا (يغلي) بالمشكلات وطرح المعاناة في قضايا متعددة تنغص حياة المرأة وتحجب السعادة عنها. لكنها بالنسبة لي، على كثرتها كانت في معظمها قضايا مألوفة ترددت على سمعي كثيرا حتى باتت عندي من المسلمات التي أتوقع سماعها في كل اجتماع يبحث في قضايا المرأة، باستثناء ما قالته المعاقات، فقد كان صوتهن هذه المرة جديدا لم يطرق سمعي من قبل، وكانت مشكلاتهن مختلفة لا تعرفها السليمات. ساعتها أدركت كيف أننا في طبيعتنا البشرية يغلب علينا النظر من زاوية الذات فنستشعر معاناتها، ويغيب عنا النظر إلى الزوايا الأخرى ومن ثم نجهل كل شيء حولها!!، حين بدأت المعاقات يروين معاناتهن بدأ سيل المشكلات يجري، مشكلات ما كان لينتبه لها أو يلحظها أحد سوى المعاق نفسه، وهي مشكلات في كثير منها تحدث للمعاقين من الجنسين وليس للمرأة وحدها. من هذه المشكلات ما ذكرته بعض الحاضرات الصماوات من أنهن يعانين من عدم وجود مترجمين للصم والبكم ينقلون لهم بلغة الإشارة ما يجري حولهم من وقائع، خاصة في المحاكم والسجون أو المؤسسات الصحية، حيث يكون الأصم في حاجة شديدة إلى معرفة ما يطلب منه ويراد إبلاغه به، أو ما يريد هو التعبير عنه وإبلاغه للآخرين. وذكرت أخرى معاقة حركيا، ما يواجه المعاقين على الكراسي المتحركة من مشكلات، فهذه الفئة تعاني من صعوبة التنقل وغشيان الأماكن العامة لأنه غالبا لا توجد ممرات صالحة لسير الكراسي المتحركة، ولا دورات مياه خاصة بالمعاقين، كما تطرقت المتحدثات إلى صعوبات مشتركة بين جميع المعاقين مثل صعوبة الحصول على مقاعد للدراسة في مؤسسات التعليم العالي، وصعوبة الحصول على العمل، وقد تضيع عليهم بعض المصالح بسبب ما هم فيه من إعاقة. سماع تلك الشكاوى من المعاقات جعلني أتساءل لم لا توجد جمعية خاصة بالمعاقين بجميع فئاتهم الحركية والحسية والعقلية، يكون دورها أن ترعى شؤونهم وتحافظ على حقوقهم وتطالب باحتياجاتهم؟، إن إنشاء جمعية كهذه يعد من أولويات خدمة هذه الفئة التي تكاد تكون منسية بيننا. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة