حضوره لمئات المجالس للتدخل في العفو عن المحكوم عليهم بالقصاص وتنقله بين مدن المملكة في عشرات القضايا كون لدى الشيخ عبدالله بن حماد العصيمي عضو قسم العفو في لجنة إصلاح ذات البين في إمارة منطقة مكةالمكرمة شخصية متمرسة في إنهاء المنازعات. يحتفظ العصيمي الداعية والخطيب بمواقف غاية في التأثير في مجال العفو من خلال خوضه للتجربة التي أعطاها جل وقته واهتمامه، إذ خصص وقته لخدمة المجتمع وحماية الأسر من قضايا موجعة وخلافات مقلقة لحد الفزع. يقول العصيمي: «الرغبة فيما عند الله وحرصي على إشغال وقت فراغي بما ينفعني في الدارين حولني إلى مجالس العفو وساحات القصاص وأروقة لجنة إصلاح ذات البين في مكةالمكرمة للتدخل في قضايا الخلافات التي عادة ما تحدث بين الأسر والعائلات، ورغم حجم الإرهاق الذي يغلف طريق السعي وراء هذه القضايا، إلا أن لذة الأجر ودعاء أطراف القضايا جرعات مهمة تساعدني على الركض في طرق الإصلاح والعفو». وبين العصيمي أن أطول قضية قصاص تابعها يزيد عمرها على 23 عاما وقعت بين رجلين اختلفا في البر على دابة فقام أحدهما بقتل الآخر، وترددت أكثر من عشر مرات على أهل المجني عليه للتنازل عن القاتل، مرات بمفردي ومرات أخرى برفقة جمع من الوجهاء، لكن كل هذه الجهود لم يكتب لها التوفيق، حيث أقيم الحد على المجني عليه وهو من المواقف المؤثرة التي لم أنسها». ويلخص العصيمي أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع قضايا القصاص في ضعف الوازع الديني والجهل والعصبية القبلية وضعف دور الأسرة في التربية وعدم وجود الاستقرار النفسي في بعض الأسر، كما أن من بين الأسباب التي تحول دون تحقيق العفو في كثير من القضايا تأثير الأقارب وشحنهم لأصحاب الدم وتوجيههم بعدم التنازل وعدم إلمام الكثيرين بفضل وأجر العافين عن الناس والكاظمين الغيظ، حيث إن هناك عشرات الأدلة من القرآن والسنة النبوية التي تحث على هذا الأجر ولو تمعنها الكثيرون لاتسعت دائرة العفو ومظلات التسامح لكن الجهل حال دون ذلك، وكذلك نزاع الورثة واختلافهم ووجود الأحقاد بين أصحاب أطراف القضايا والاعتقاد السائد بين الناس بأن العفو أو التنازل يجلب للعافين العيب والمسبة. ويروي العصيمي موقفا لا زال عالقا في ذاكرته في مجال السعي بالعفو في قضايا القصاص وذلك عندما فشلت المساعي في تحقيق العفو في قضية قتل حيث قام بتجهيز أطفال الجاني على طريق مرور أهل المجني عليه في مناسبة لهم وفي ذروة مرور الموكب رمى الأطفال أنفسهم وهم يبكون تحت أقدام والد ووكيل قضية المجني عليه وقد أجهشوا بالبكاء ويطلقون صيحات الاستغاثة وطلبوا العفو في موقف مؤثر جدا أدمع العيون وتأثر أهل الدم، الأمر الذي انتهى بالعفو ولله الحمد.