كشف ملتقى التوظيف والتمويل عن انفراد المملكة ببرنامج توظيفي يعد الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، لكن انعدام التنسيق أسفر عن حدوث خلل في توظيف الخريجين، الأمر الذي أدى إلى تعريض ميزان مدفوعات المملكة لخسارة أكثر من 90 مليار ريال، يجري تحويلها إلى الخارج بسبب دخول شركات أجنبية واستيلاء عمالة أجنبية على الكثير من فرص الوظائف والمشاريع بسبب وجود مشكلة في ثقافة العمل لدى الفرد السعودي. وفي حين بات من المهم على كل من يريد عمل مشروعه الخاص الإجابة على 48 استفسارا، ليتمكن من القيام بمشروعه على أكمل وجه، وبما يضمن له تحقيق مكاسب مالية إضافية تقوده إلى نجاح مشروعه، وتتوزع الاستفسارات على ما بين طرق جلب رأس المال، وجدوى المشروع، ووضع العملاء، وتحليل المنافسين، والوقوف على أبرز الأسباب التي يصل عددها إلى 15 مسببا تؤدي غالبا إلى فشل أي مشروع، وذلك من أجل تجنبها. جاء ذلك في الملتقى الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة أمس الأول وتستمر أعماله لمدة يومين في قاعة المريديان بحضور أكثر من 170 شخصا من عدة جهات أبرزها جامعة طيبة، والكلية التقنية، وكلية السياحة والفندقة، والمعهد المهني، وكلية إدارة الأعمال بجامعة طيبة، وذلك بالتعاون مع خمس جهات حكومية وقطاع خاص. 7 شهادات دكتوراه بداية أكد أمين عام غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة أمير سليهم أنه لا يشجع على توجيه الشباب إلى مجال التوظيف، بقدر ما يريد دفعهم إلى الأعمال الحرة، وقال: أنا ضد التوظيف، ومن يسألني عن وظيفة راتبها الشهري ألفا ريال، سأقول له تعال بمفك، ودريل «ثاقب جدار» وبطاقة أعمال وسأجعلك تكسب شهريا 30 ألف ريال، فالعيب ليس في العمل وإنما في أن تكون عالة بلا عمل. واستعرض في عجالة نوعية الصناديق المتخصصة في دعم المشاريع والتوظيف، وقال: في ما يتعلق بجانب التوظيف فإن غرفة المدينة ستعقد دورات متخصصة تفيد الباحثين عن وظائف في كيفية التعامل مع أصحاب العمل، وتمكينهم من تجاوز المقابلات الشخصية بنجاح. سليهم أوضح بعض آليات التوظيف، وكيفية التقدم على وظيفة مناسبة بالطريقة الصحيحة، ثم خاطب الحضور قائلا: من يبحث عن وظيفة، فعليه أن يتقدم إلى الغرفة التجارية ويسجل اسمه لدينا، بعد ذلك ستتولى الغرفة مهمة مساعدته في الحصول على وظيفة مناسبة. سليهم طالب بضرورة تطوير الذات وأن يكون العلم من أجل العلم والعمل به لا من أجل البحث عن وظيفة على حد تعبيره وألا يتوقف الشخص عند تحقيق شهادة عليا معينة، مستشهدا بشخص يعرفه يحمل الجنسية الأمريكية لديه سبع شهادات دكتوراه فرغ نفسه للعلم، وقال: سألت هذا الشخص لماذا تحمل هذا الكم من الشهادات، ولم تكتف بواحدة أو اثنتين فرد علي قائلا «لكي أوسع مجالات عملي». ومضى يقول: في المقابل اتصلت بي امرأة تبحث عن وظيفة، وحين سألتها عن شهادتها قالت إنها حاصلة على درجة الماجستير منذ سنتين، ومنذ ذلك الحين وهي تبحث عن وظيفة، فسألتها «هل كان تعليمك من أجل التعلم أم من أجل الوظيفة؟». وأوضح أن الملتقى يأتي في إطار اهتمام الغرفة بأهمية الشراكة مع جهات التمويل والتوظيف لإدراك الجميع بأهمية تكامل الأدوار في دعم شباب وفتيات الأعمال بالمنطقة، وقال: إن الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة حظي بدعم كبير من قبل حكومة المملكة والغرفة باعتبارها بيت التجار وممثل القطاع الخاص فإنها تدفع في هذا الاتجاه بكل طاقتها مع كافة الجهات المعنية. وحول الخسائر المالية التي تقع في سوق المملكة بسبب البطالة وعدم الاتجاه نحو الأعمال الحرة، قال: مع الأسف فإن حكومة المملكة تضع ميزانية كبيرة تقدر بمئات المليارات لكي يستفيد الشعب من خلال العمل على تطوير المشاريع التنموية، لكن مع الأسف تأتي شركات أجنبية فتقتنص المشاريع بسبب عدم وجود شركات محلية، وتأخذ العمالة نصيبها، عن طريق الاستيلاء على مشاريع، يفترض أن تكون مكاسبها المالية عائدة للسعوديين غير أن الذي يحدث هو أن العامل الأجنبي يسلم ألفا أو ألفي ريال شهريا لكفيله حتى يتمكن هو من إدارة المشروع بنفسه فيكسب مئات الألوف. وأضاف: بناء على ذلك تشير الإحصاءات إلى أن العمالة في المملكة تحول أكثر من 90 مليار ريال، والمفترض هو أن التحويلات لا تتجاوز عشرين مليار ريال على أقصى تقدير، فتخيلوا أن السبعين مليارا المفترض بها أن تكون في المملكة قد جرى تدويرها في الداخل فكم حجم المستفيدين من هذه المبالغ الكبيرة سواء على صعيد التوظيف أو على صعيد المشاريع. إنشاء المشاريع الصغيرة وحول طرق بناء المشروع الصغير وحمايته من الخسارة أوضح الناشط في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة رزيني العساف أن البداية ستكون من خلال البحث عن طريقة تأتي برأس المال، والوقوف على جدوى المشروع، وقال: إذا لم يكن لديك المال الكافي لتمويل مشروعك فهناك عدة طرق تساعد على ذلك منها عمل لائحة بأسماء الأشخاص والأصدقاء الذين يمكنهم مساعدتك، ووضع إعلان في صحيفة تطلب فيها ممولا للمشروع لأن هناك الكثير من المستثمرين الباحثين عن فكرة جديدة وجيدة ليستثمروا أموالهم فيها. وأضاف: إذا كان المشروع كبيرا ويحتاج إلى مبالغ كبيرة عن طريق صناديق الإقراض وهي الريادة، وصندوق المئوية، وباب رزق عبد اللطيف جميل، والموارد البشرية، وبنك التسليف. واستعرض العساف بعض المشاريع ذات التكاليف القليلة، وقال: ابدأ مشروعك في السوق برأس مال بسيط كإنشاء بسطة في سوق الخضار تصل تكلفتها إلى 20 ألف ريال فيكون إيرادها الشهري 3500 ريال أو محل بيع وإصلاح جوالات تتراوح تكلفة إنشائه ما بين سبعة آلاف ريال إلى 12 ألف ريال، لكن إيراداته الشهرية المتوقعة تصل إلى ثلاثة آلاف ريال، وكذلك محل إصلاح مكيفات وثلاجات فإن التكلفة تصل إلى ألفي ريال تقريبا، لكن أهم ما يجب معرفته قبل انطلاق المشروع هو مكان زبائنكم، ويتم ذلك من خلال الإحصاءات الموجودة والمعلومات المتعلقة بإحصاءات السكان كالذكور والإناث والأطفال لمعرفة المستهدفين بشراء البضاعة، وتحديد أعمارهم، ومستواهم الثقافي، والعلمي، والمعيشي، وما نسبة الذين سيشترون منكم عندما يبدأ البيع وكيفية الإعلان بالطرق الصحيحة، وعمل مطبوعات إعلانية للترويج عن المحل بالإضافة إلى دعم عمليات البيع من خلال البيع بواسطة مندوبين. ومضى يقول: لعل أبرز الأسئلة التي يجب الوقوف عليها لمن يرغب في شراء محل أو مؤسسة هي معرفة دواعي المالك في البيع، وحركة الأموال بحسب كشوفات البنك خلال سنوات العمل، عدد مرات بيع الموقع من قبل، ومدة عرض البيع، وتسهيلات إتمام البيع، والأرباح السنوية، والوقوف على الأرقام الموجودة على الميزانية العمومية وحساب الخسائر والأرباح. ونبه عساف إلى ضرورة تحليل وضع المتنافسين العام، وقال: يرتكب البعض خطأ جسيما عندما لا يفكرون في منافسيهم أو على الأقل لا يضعهم في الاعتبار رغم أنهم يحددون بشكل أو بآخر مدى قوة العمل على المدى الطويل، فكل من يعمل في السوق سيؤثر تأثيرا مباشرا على حركة بيع منافسه، وإذا لم يكتشف صاحب العمل ما يميزه عن منافسه بشكل عام فلا ينتظر نجاحا باهرا، لذا لابد من الوقوف على أهم نقاط قوة وضعف المنافسين، ومعرفة حصتهم من السوق وكيف يسوقون لبضائعهم، ومن أين يأتون بها وما هي أوقات عملهم. وحصر أبرز أسباب فشل الأعمال الحرة في ما يقارب 15 مسببا هي صرف الأموال دون تخطيط أو حكمة، ومشاركة أشخاص لا خبرة لديهم باعتبار أن الشيئين اللذين يقدمهما شريك لا خبرة لديه هما المال والصداقة فإذا ضاع المال ضاعت الصداقة، واختيار الموقع بطريقة عشوائية، ودفع إيجار عال جدا، ودفع مبالغ طائلة ثمنا للمفروشات والديكور، والفشل في تحضير خطة العمل، والابتداء برأس مال أصغر ما يتطلبه المشروع، وعدم القدرة على التحكم في المصاريف، والبيع بأسعار منخفضة جدا بطريقة تكاد تغطي ثمن البضاعة بما يهدد استمرارية العمل ويجعله على شفير الهاوية، وإهمال عامل إرضاء العملاء لأن العميل إذا رضي عن الخدمة التي تقدم إليه فإنه تلقائيا سيرسل عشرات العملاء إلى نفس الموقع، وإهمال الدعاية والإعلان، والحيرة في اتخاذ القرارات، وعدم القدرة على فهم تحركات المنافسين بما يساعد على تقديم ما هو أفضل منهم، والمبالغة في الشعور بالرضا عن العمل المقدم لأن ذلك سيجعله يراوح مكانه، والبيع بالدين، وعدم حب العمل، وسحب مبالغ كبيرة من دخل المحل إلى الحسابات الشخصية فينجم عن ذلك شح في السيولة تؤثر سلبا على مستقبل العمل. خلل في التوظيف كشف عميد كلية السياحة والفندقة الدكتور عبد الله التمام عن وجود خلل في توظيف الخريجين. وعزا ذلك بقوله: «ربما يكون السبب في ضعف التنسيق أو انعدامه بما يؤدي إلى اختلال منظومة التكامل الخاصة بدعم التوظيف من قبل القطاع الحكومي والجهات الداعمة للعملية التوظيفية، لكن في الحقيقة الخريج يتحمل جزءا من هذه المسؤولية فيجب عليه ألا يكتفي بالحصول على الشهادة وانتظار الوظيفة، بل عليه أن يتواصل بشكل دائم مع الجهات الداعمة للتوظيف حتى يتمكن من الحصول على موقع وظيفي مناسب له، وكل من يجد وظيفة أو لم يجد فعليه الاستمرار بتطوير الذات بكافة الوسائل». التمام كرر مناداته بضرورة عمل إئتلاف مكون من أربعة أو خمسة خريجين لعمل مشروع في المجال الذي تخرجوا منه كعمل محل مختص بإعداد الأطعمة أو فتح مكاتب سياحة أو وكالات سفريات أو غيرها بما يتواءم مع التخصص الذي تخرج منه حتى يبدع فيه، وقال: ناديت كثيرا بهذه الفكرة وسأكررها دائما لأن هناك من لديه القدرة على العمل بما يضمن له إدخال مبالغ كبيرة تتجاوز حجم الراتب المفترض أخذه من وظيفة. الوحيد في الشرق الأوسط أكد مدير صندوق تنمية الموارد البشرية عادل شفيع أن هناك مشكلة في ثقافة العمل لدى الفرد السعودي لكن ذلك لم يمنع في أن تنفرد المملكة ببرنامج توظيف لا يوجد له مثيل في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، كما أن له ميزات تفوق ما لدى بعض الدول المتقدمة التي تدير مثل هذه البرامج، وقال: إن الدولة في المرحلة الحالية تسخر جهودها لتوطين الوظائف، وإيجاد قنوات تمويلية لدعم ذلك أو لدعم المشاريع. وطالب شفيع كل من يريد التوظيف أو يرغب في افتتاح مشروع خاص به أن يعرف بعض التفاصيل الخاصة بنشأة صندوق تنمية الموارد البشرية، وكيفية دعم من سبق تأهيله أو تدريبه، وطرق دعم التدريب الصحي، وبعض البرامج المهمة مثل تدريب المرتبط بالتوظيف، ودعم ملاك المنشآت الصغيرة، وتطوير أصحاب الأعمال، والاستقرار الوظيفي للموظفين المدعومين من الصندوق، والخدمات المقدمة الخاصة بالإرشاد المهني لطالبي العمل. وأكد شفيع أن دعم تأهيل طالبي العمل في تخصصات تحقق قيمة مضافة لسوق العمل، وأن المتدرب سيكون ملبيا لمتطلبات الوظيفة وكل ما يحتاجه هو تدريب للتهيئة المبدئية على رأس العمل.