جاء في خبر نشرته جريدة البلاد يوم الاثنين 25 ابريل 2011 م أن جناح البريد السعودي بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) المقام في الرياض قد اجتذب أعدادا كبيرة من الزوار الذين حرصوا على زيارة الجناح والتجول في أرجائه والاطلاع على محتوياته المتميزة . وقد عرض البريد السعودي في جناحه أحدث خدماته المقدمة للجمهور، كما عرض عددا من مقتنياته من الطوابع التذكارية وأجهزة البريد والصناديق القديمة، وأول دراجة استخدمها سعاة البريد في المملكة. الخبر استوقفني كثيرا، ووجدته مسليا ، وأثار في ذاكرتي تلك الصور القديمة الجميلة الإنسانية التي كنت أراها في ساعي البريد وهو يتجول على دراجته المشهورة. وبالفعل تمنيت لو بقى ساعي البريد بدراجته حتى اليوم ، لكي يصلنا البريد إلى منازلنا وصناديق بريدنا في الوقت المناسب، وتصلنا الطرود والإرساليات والبرقيات ساعة وصولها إلى مراكز البريد في مختلف أحياء المدينة. العالم يتطور من حولنا عمليا وفعليا ، وبريدنا المحترم يتطور كلاميا ودعائيا لاغير . فالآن يوجد على باب كل بيت أو عمارة (وحتى على أبواب المقابر كما صرح سابقا أحد مسؤولى البريد) صندوق بريد «واصل» مصنوع من «التنك» الرخيص، وتحته أو بجانبه أرقام بالصباغ الأسود تشوه مداخل البيوت والفلل والعمائر، ويعشش في الصندوق العنكبوت. وصناديق «واصل» كما أطلقوا عليها هذه التسمية الخاطئة، لا يواصلها أو يصلها أي واصل . بل أصبح المواطن الآن يخاف أن يفتح أو يقترب من تلك الصناديق خوفا من أن تكون قد تحولت إلى مأوى للزواحف أو العقارب أو بعض الحشرات الضارة. أما عن تكلفة تلك الصناديق على المال العام (والمظهر العام للمباني) فحدث ولا حرج ، وهو أمر أرغب في يوم أن أستفسر عنه لدى الصديق العزيز الأستاذ محمد الشريف ، هل هو هدر للمال العام أم للمال الخاص، أم شيء آخر يجب التحقق منه؟ أي والله، لماذا اختفى ساعي البريد، ذلك الرجل الشهم المثابر الذي يضيف لمسة إنسانية جميلة على عملية إيصال البريد ، الذي يسعى بجد ليس فقط لإيصال البريد وإنما أيضا لمعرفة السكان ومحبتهم ؟ لماذا اختفت تلك الشخصية البسيطة الطيبة بدراجته الشهيرة ، من شوارع وطرقات الأحياء السكنية؟ ألم يكن من الممكن تطوير الدراجة الشهيرة إلى مركبة صغيرة لها طابع خاص سيشتهر مثل تلك الدراجة الظريفة؟ وإذا قررت مؤسسة البريد أن منظر تلك الشخصية المحبوبة هو منظر غير حضاري يجب التخلص منه (وهو ليس كذلك على الإطلاق) فهل ترى مؤسسة البريد أن هذه التشويهات التي أضافتها إلى واجهات المباني، والفوضى «واللخبطة» البريدية ، وما ينتج عنها من عدم وصول البريد أو ضياعه أو تأخره، والابتزاز المادي للمواطن ورفع الرسوم عليه بصورة هائلة وتعقيد حياته في أمر بسيط مثل إيصال البريد إليه فى الوقت المناسب ، هو مظهر حضاري يحق لنا أن نتفاخر ونزهو به؟ المؤسسة المحترمة وضعت صناديقها القبيحة على كل باب وجدار، ووضعت أرقاما وطلاسم بالصباغ الأسود بجانب كل مدخل ، سواء شاء صاحب المنزل أو المبنى أم أبى ، ثم بعد ذلك؟ لا شيء. فالصناديق خاوية لا يصلها بريد، ولا زلنا نذهب الى المجمعات البريدية لاستلام رسائلنا من صناديق البريد السابقة التي أصبح قيمة الاشتراك فيها الآن من ثلاثة إلى عشرة أضعاف قيمة الاشتراك السابق دون أي تحسن في الخدمة أو تطور أو أي تغيير لا بالزائد ولا بالناقص، أي أنها مجرد عملية ابتزاز فقط واعتداء غير مبرر على جيوب المواطنين. أرجو أن يأتي اليوم الذي يعرض فيه صندوق «واصل» في جناح البريد السعودي على أنه أكبر عملية فاشلة في تاريخ البريد السعودي. حاولت مؤسسة البريد السعودي أن تخترع العجلة من جديد فانطبق عليها المثل القائل «تمخض الجبل فولد فأرا». ملحوظة: هناك من سوف يعترض كالمعتاد على هذا المقال دفاعا عن مؤسسة البريد، فأرجو ألا يكونوا من داخل المؤسسة أومن موظفيها، أو من المنتفعين من خدمات خاصة تقدم لهم. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة