إلى الشرق من محافظة جدة، تقع أحياء: الفاو، المحاميد، أم السلم، الجبلين، الكيلو 23، وعلى بعد 25 كلم من المنطقة المركزية في حي البلد، تكون هذه الأحياء لوحة فريدة لا تكاد العين تراها، تبتعد بنظرها عن روعة مبانيها المنتشرة على جانبي الطريق القديم المؤدي إلى العاصمة المقدسة لما فيها من تناغم معماري، يعانق فيها البناء الحديث والمنازل القديمة وبعض الحصون الأثرية. وبالرغم من حالة السكون التي يعيشها سكان تلك الأحياء البسيطة لابتعادهم عن الصخب وضوضاء مدينة جدة، إلا أنهم ما زالوا يتطلعون إلى مواكبة مراحل التطور التي تشهدها جدة على اعتبار أنها امتداد طبيعي للمحافظة من جهة الشرق، وهمزة وصلها مع المراكز الواقعة على أقدم الطرق التي تربط جدة بالعاصمة المقدسة. ويرى ناصر المرشدي (من سكان الكيلو 23) أن تلك الأحياء شكلت نقطة جذب مهمة لأبناء البادية قبل 50 عاما، مستعيدا الذكريات حينما ساعد في مقتبل صباه والده في بناء أول سكن للأسرة تحول بعدها إلى بناء حديث يضم في داخل فنائه بيت الطين القديم، ويشير المرشدي الى أن الوضع رغم قسوة الظروف لتدني مستوى الخدمات البلدية والنقص الحاد في المياه لعدم وجود شبكة عامة، ما زال على حد قوله مرضيا لأحلامه لبعده عن الضجيج والضوضاء في أحياء جدة. ويتفق نجا السميري مع ما ذهب اليه المرشدي ويقول إن أحياء المحاميد والفاو والكيلو 23 وأم السلم والجبلين ذات كثافة سكانية عالية، وما زالت الخدمات فيها دون المستوى المأمول على حد قوله ، ويطالب السميري الجهات المعنية في الأمانة والطرق وبقية الجهات بالإسراع في النهوض بتلك الأحياء وتطويرها، لافتا إلى أن أنها تقع ضمن نطاق مشروع خط السكة الحديد لقطار الحرمين. من جانبه، يرى أحمد القرني (من سكان الفاو)، أن الحي والأحياء المجاورة بحاجة إلى زيادة مستوى الخدمات البلدية وخصوصا إنشاء شبكة للمياه، بالاضافة إلى متابعة وضع العمالة المخالفة لنظام الاقامة والعمل والمجهولين الذين وجدوا في مواقع الاحواش والكسارات القديمة التي أصبحت خارج الخدمة مخبأ آمنا للتخفي عن أعين الجهات المعنية، ويؤكد أن أعدادا كبيرة من أبناء الجاليات الآسيوية استغلوا تذبذب الرقابة الميدانية للأجهزة البلدية وحولوا بعض الاحواش التي نجحوا في استئجارها بمبالغ زهيدة الى مصانع للطوب والأبواب ومخازن للمخلفات، الى جانب تخصيص أجزاء من تلك الاحواش للسكن. وأكد سعيد الزهراني ما ذهب إليه القرني وقال إن أحياء الفاو والكيلو 23 والمحاميد وأم السلم تعتبر نقطة ربط مهمة بين جدة وبحرة والمراكز الواقعة الى الشرق وصولا الى العاصمة المقدسة، كما أن الطريق القديم المؤدي إلى مكةالمكرمة لا يزال يمثل شريانا مهما للشاحنات والمقطورات العابرة بين جدة والعاصمة المقدسة وبقية المناطق، وبالرغم من ذلك يفتقر هذا الطريق للتواجد الأمني عدا في نقطة تفتيش المرسلات التي تسبقها مواقع من الجهتين أصبحت منفذا للمهربين والعمالة المخالفة. ويرى الزهراني أن عدم مواءمة التواجد الأمني لحجم الكثافة التي يشهدها طريق مكة القديم من أهم الأسباب التي ساهمت في توافد المخالفين والمجهولين الى الاحياء التي يقطنونها، ويطالب بضرورة التنبه الى هذه الملاحظة والعمل على إيجاد وسيلة عاجلة لحلها درءا لأية نتائج مستقبلية قد تشكل خطرا على حياة سكان تلك الاحياء وممتلكاتهم. في السياق ذاته، بدا الوضع العام من خلال رصد عدسة «عكاظ» في أحياء الفاو وأم السلم والمحاميد والكيلو 23 متفقا مع ما ورد في ملاحظات الأهالي، حيث ظهرت أكوام المخلفات والنفايات متناثرة في أجزاء من تلك الاحياء وبدت مشكلة التهور وقيادة الصغار لمركباتهم بسرعة جنونية واضحة، بالاضافة الى الكثافة الكبيرة للعمالة الوافدة التي كشفت الجولة الميدانية أعدادا لا يستهان بها منها تحديدا أمام المحال التجارية على جانبي الطريق الرئيسي الواصل بين تلك الاحياء. من جهته، أكد المتحدث الاعلامي وعضو المجلس البلدي في جدة بسام أخضر على أهمية متابعة تلك الاحياء والتشديد في الرقابة الأمنية عليها لإنهاء ظاهرة المخالفين، مشيرا إلى أن هذه الاحياء ستشهد نقلة نوعية بعد إعادة تخطيطها وتطويرها ستجعل منها منطقة حضارية تجعلها في مصاف العالم الأول.