إذا كانت حال السجين لجرم ارتكبه أو ذنب اقترفه مرت بظروف سيئة أو معيشة ضنكة ويوميات قاسية فإن تلك الظروف والمعيشة واليوميات لها إيجابيات منها ردعه عن مجرد التفكير في العودة للجرم أو الذنب الذي أدى به إلى تلك الحال، وجعله يحسب ألف حساب قبل أن يرتكب ما يعيده إلى ذلك السجن، ومع ذلك وإحقاقا للحق فإن أحوال السجناء المدانين بجرم في تحسن وفقا لما تبذله إدارة السجون والجهات المشرفة عليها من جهود مشهودة لتحسين ظروف السجون ومعاملة نزلائها بما يحترم إنسانيتهم، رغم وجود دور لهم في ما آلوا إليه أقله التزامهم بديون لم يستطيعوا الوفاء بها وأعظمه السرقة والاعتداء و الإفساد في الأرض والحرابة وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. لكن ثمة أسوار تضم بداخلها سجناء أبرياء لا ذنب لهم مطلقا في تواجدهم داخل تلك الأسوار المغلقة مثل نزلاء دور الأيتام والمجهولين ودور الرعاية الاجتماعية ومستشفيات النقاهة ومستشفيات العزل ودور المعوقين ومعاهد التربية الفكرية ودور الإصلاحيات، و هؤلاء جميعا لا يعلم بأحوالهم وما يتعرضون له إلا الله، ولا يستطيعون الشكوى بل لا يجرؤون عليها فإذا تعرضوا للقسوة أو الإهانة أو الاعتداء من المشرفين أو الموجهين أو العمالة أو حتى من أحد المتنمرين من زملائهم فإن صوتهم لا يصل بل لا يستطيع الخروج من دائرة السور ولو تجرأ أحدهم على (تسريب) شكواه فإن مصيره (الاستقعاد) و العقوبة، خصوصا أن عدد المشرفين عليهم محدود جدا، وغالبيتهم من غير السعوديين ونحن هنا لا نزكي المواطن على سواه فقد يكون أسوأ من غيره لكن العبرة بالقدرة على فهم الطباع والنفسيات وحجم التعاطف وهو أمر مفقود لدى كثير من المتعاقدين، كما أن بعض المتعاقدين يجامل الإدارة وبعضهم أقسى من بعض بحكم البيئة، والجغرافيا وكمية العقد والرغبة في التنفيس. نحن لا نتحدث عن توقعات أو توهمات لكن الواقع المرير والأحداث المتتالية أثبتت أن تلك الدور المغلقة تشهد صورا من سوء المعاملة والقسوة والإهمال والتستر على القصور الإداري والإشرافي، وهؤلاء النزلاء الأبرياء مواطنون وأبناء لنا يفترض أن يشملهم ما يشملنا من الحقوق ورغد العيش فإذا حرمتهم الظروف القاهرة من الوالدين أو القدرات الجسدية أو الصحية فإنه لا يحق لنا حرمانهم من الرعاية. ألا نستطيع أن نخصص لهؤلاء العدد المتعارف عليه دوليا من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والمراقبين والمشرفين، وهي نسب معروفة عالميا تحدد كم أخصائي لكل عدد منهم، بينما نحن نخصص واحدا لكل مائة أو خمسين وفي ذات الوقت نشكو من بطالة هؤلاء المتخصصين وشح وظائفهم فمتى نخشى الله في هؤلاء السجناء الأبرياء قبل أن تحل بنا العقوبة بسبب إهمالهم؟!. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة