كتبت غير مرة أنبه إلى ضرورة أن تتولى جهة محايدة الإشراف الدائم والمفاجئ على أحوال كل من تضمهم الأسوار ولا يعلم بحالهم وحال التعامل معهم إلا الله سبحانه وتعالى، ومن يقبعون داخل أسوار عالية ومحكمة فئات كثيرة من المجتمع منهم من لا ذنب له مثل الأيتام والمجهولين ونزلاء دور الرعاية من الجنسين، ومنهم من يتحمل المجتمع إزرهم مثل الجانحين من الأحداث والقصر، ومنهم من حكمت عليه ظروف مالية وشظف عيش أن يقبع خلف القضبان، وكل هذه الفئات تحول بيننا وبين معرفة أحوالهم أسوار تضم بداخلها من قد يسيء معاملتهم سواء من العاملين عليهم أو زملائهم. وعندما نبهت إلى أهمية الاطلاع المستمر على أحوالهم إنما كنت أخشى عليهم من أن يساء إليهم داخل تلك الأسوار ودون أن تصل أصواتهم إلى من يستمع إلى شكواهم ويتفاعل معها، خصوصا أن غالبيتهم تقع مسؤوليتهم على رقاب منسوبي وزارة الشؤون الاجتماعية، وهؤلاء أثبتت المواقف أن رقابهم طويلة جدا إلى حد التعالي فوق الشكوى والهموم تارة، وإدخال الرؤوس في الرمل تارة أخرى، وفي الحالتين فإن الرؤية تنعدم. لم يخطر ببالي أن نزلاء دور الرعاية الاجتماعية أو بشكل أعم أسوار الرعاية الاجتماعية (إن صح تعبير الرعاية الاجتماعية في الحالتين، إذ هو للدعاية أقرب) يمكن أن تتم الإساءة إليهم خارج الأسوار، حتى أبلغني أحد الصيادلة ممن يغادرون عملهم متأخرين أنه يشاهد أعدادا من المعوقين من منسوبي مراكز تأهيل المعوقين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ينتظرون لساعات متأخرة من الليل خارج العيادات بعد انتهاء الدوام بساعات، وقد تأخر عليهم السائق وتركهم في العراء والعزلة والخوف خارج مبانٍ غادر موظفوها، وليس حولهم أحد سوى إخصائية اجتماعية مرافقة أو عاملة خدمة ليس لأي منهما حيل ولا قوة حتى لو احتاج المعاق إلى تدفئة من برد أو برودة من شدة حر أو احتاج إلى دورة مياه لقضاء حاجته. وقفت على الأمر فوجدته جد خطير، فالعيادات التي جاؤوا لمراجعتها تغلق قبل الخامسة عصرا، والسائق لا يحضر إلا الثامنة مساء، والمكان خال تماما، ويقف في الشارع معاق أو أكثر وامرأة كل منهم عرضة لخطر من نوع مختلف، هذا خلاف الحاجة إلى الأكل أو الشرب أو قضاء الحاجة. سألت السائق فأفاد بأن تأخره عائد إلى أن من أحضرهم انتهى دوامه وهو للتو بدأ دوره، وأنه أبلغ المسؤولين بهذه المشكلة المتكررة ولم يتجاوبوا. هاتفت المسؤول فاعتذر ووعد بحل المشكلة ولم يفعل، ولو فعل فإنه مشرف على مركز واحد والمراكز ولله الحمد كثيرة (كما) تعيسة كيفا وهما. نكتب فلا يتجاوب الوكيل، نسأل فلا يجيب الوزير، فإذا كان الوزير يشترط نوع السؤال فلا تستغرب أن يأمن المقصر على كل حال. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة