الانتخابات البلدية بدأت قبل يومين في السعودية وبدون نساء، وقد كانت هناك تساؤلات حول غياب المرأة او استبعادها من المشاركة بالتصويت او الترشح، وتراوحت التصريحات الرسمية المنشورة بين رفض السؤال او الاحالة على اسباب اجرائية وتنظيمية او سياسية منعت مشاركتها، وبعضهم تكلم عن جهة تشريعية لم يحددها وقال بأنها صاحبة الصلاحية في اتخاذ هذا القرار، والمذكور وما سيذكر نشر في الصحافة المحلية وبالاسماء ولم اخترع شيئا من عندي، وما يستحق التوقف فعلا، هو ان امانة الرياض ابدت جاهزيتها التامة لاستقبال المرأة مصوتة ومرشحة، وجاء الكلام على لسان امينها الامير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، وقوبلت رغبتها بالرفض، ولم تكن التبريرات مقنعة بل واشار من برر الى ان الغياب لن يؤثر، واستمرت القضية بين شد وجذب، لدرجة ان الجمعية السعودية لحقوق الانسان دخلت على الخط، ونبهت إلى ان الغياب الانتخابي للمرأة يتعارض مع اتفاقيات دولية وقعت عليها المملكة، ولا ادري لماذا لا تستفيد الامانات او الجهات المسؤولة والمعنية بالانتخابات، من تجربة الغرف التجارية ومؤسسات الطوافة وغيرها في اقرار صيغة مقبولة للانتخاب النسائي. بعض الناس لا يؤمل كثيرا في الانتخابات البلدية بالنساء او بدونهن، وهؤلاء يرون بأن حال الانتخابات الحالية لن يختلف عن حال الانتخابات السابقة، وان المجالس البلدية مشلولة ولا تقوم بدور رقابي فاعل حتى في اطار اختصاصها، وحسب احصائية اجراها مركز «اسبار» ونشرت في هذه الجريدة يوم الخميس 21 ابريل، فإن نسبة من لم يسجل في الانتخابات البلدية الماضية بلغت تقريبا اربعين في المئة، ومن سجل في قيد الناخبين ولم يصوت وصل الى ستة عشر في المئة، ما يعني ان المشاركين في الانتخابات كانوا اقل قليلا من النصف، و لم يتجاوزوا نسبة الاربعة والخمسين في المئة، طبقا لعينة الدراسة، ولم يطرح في الدراسة موضوع مشاركة المرأة او لم ينشر، وفي نفس اليوم نشرت الزميلة «الحياة» خبرا تناول امسية اقيمت للشاعرة المعروفة هدى الدغفق مشاركة مع قامات شعرية رجالية، والامسية اقامها النادي الادبي في جدة وحضرها وكيل الحرس الوطني في القطاع الغربي الامير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، واصرت الشاعرة حسب الخبر، على قراءة قصائدها من منصة الرجال رغم محاولات لم تنجح لمنعها، أو اجبارها على قراءة القصائد من الغرفة الخاصة بالنساء، وقالت بالحرف الواحد: «ان الحقوق تؤخذ ولا تعطى في مثل هذه الحالات» وغرفة او مكان النساء في النادي لا يفصله عن الحضور الرجالي الا عازل من الزجاج، ولا اجد فرقا في القراءة المباشرة او من وراء حجاب مادام الحضور سيراها في الحالتين، والمنع لا وجاهة فيه كما ان التصرف في حد ذاته غير مفهوم، وربما احتاجت المرأة السعودية الى مبادرات مشابهة، لتأكيد حقها في الانتخاب البلدي مستقبلا، ولضمان الالتفات الجاد اليها في موضوع الانتخابات بصورة عامة، وان يكون ذلك وفقا لضوابط وتقاليد المجتمع المعقولة والمتفق عليها. المجتمع السعودي يعيش مشكلة حقيقية مع المرأة، ويمارس ازدواجية واضحة نحوها، والعقلية الانتخابية في نسختها المحلية المتواضعة جدا لا تستوعب المرأة او لا تعترف بها اصلا، ومن الامثلة المتوفرة في الانتخاب وفي غير الانتخاب، التعامل مع النساء بمنطق الغواية والخطيئة والعيب، وفرض وصاية وقيود عليهن في الداخل، وفي المقابل ادارة الدكتورة سمية اليوسف لطاقم معظمه رجالي في اكاديمية الملك فهد في لندن، وادارة الدكتورة موضي الخلف للشؤون الثقافية والاجتماعية في الملحقية الثقافية في الولاياتالمتحدة، وتنظيم اغلب فعاليات السعوديين الطلابية في قاعات مشتركة في الخارج، وانتخاب خمس مبتعثات لرئاسة اندية سعودية في جامعات امريكية، والانتخاب الاخير تم بمساندة وتأييد مبتعثين سعوديين، ولا اعرف موقف المبتعثين من انتخاب المرأة بعد عودتهم، بافتراض تنظيم انتخابات «يونيسكس» او رجالية ونسائية معا في القطاع السعودي العام. في اعتقادي المسألة يمكن حلها الكترونيا، واقترح من باب التجريب ان تقوم المؤسسات الصحافية بعمل مجالس بلدية افتراضية لكل منطقة في مواقعها على الانترنت، وبحيث يرشح ويصوت فيها الرجال والنساء وبأسمائهم الصريحة وسيرهم الموثقة، وبنفس شروط وآليات الانتخاب البلدي المعمول بها نظاما، وتحت اشراف شخصيات قانونية تضمن النزاهة والموثوقية والحياد، ومن ثم تقوم المجالس المنتخبة بتنفيذ مهامها على المكشوف وامام زوار الموقع واهل القانون والعالم، والمرأة المرشحة او المصوتة يجب وان تثبت الكترونيا وجود المحرم بجانبها والسن غير مهم ويشمل الاطفال الرضع، مع وضع ما قد يعترض هذا التنفيذ من عقبات ادارية مجربة فعليا، وكذلك قائمة بالحلول المسموحة والموافق عليها يتم تحديثها اولا بأول، وطرح مشاكل بلدية تحتاج الى معالجة، وقياس درجة نجاح المجالس في حلها بالطرق النظامية، وبعدها يكرم المجلس البلدي الفائز، وهذه الفكرة «التفاعلية» لو نفذت ستساعد بدون شك في معرفة جدوى الانتخابات البلدية والفائدة من مشاركة المرأة فيها، وتخدم ايضا تقييم عملها بعيدا عن الاحكام المسبقة، وكما قالت جاين سنغلر (2010) فالاعتراف بمبدأ «التفاعلية» والعمل به كقاعدة للعلاقة بين الاعلام والجمهور، يفترض في مضمونه انقلابا مفاهيميا كبيرا في الممارسة الكلاسيكة للاعلام، والانقلاب، مثلما كتبت، سيؤدي حتما الى نتائج مؤثرة على المستوى المهني والثقافي، وما ذكر مفيد في اختبار صدق ما لاحظه ايتش دينس وو(2000) فقد كتب بعد دراسته لتقارير تناولت في محتواها مئتين واربع عشرة دولة ونقلها اعلام ثمان وثلاثين دولة، ان هناك تناقضا بين الواقع على الارض والواقع في الخبر، وما قيل له شواهد يومية في المحطات الاخبارية العربية والغربية هذه الايام...! binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة