تتلاطم الأفكار وتختلط على البعض المفاهيم خاصة أولئك الذين يسحبهم زخرف الدنيا وجمالها الخادع، فتصعد بهم إلى أجمل الأماكن، فتمنح ذاك منصبا وذاك مالا وسعة في المسكن، فينصرفون أو يحاولون أن ينصرفوا متباعدين عن أقربائهم وأصدقائهم وأحبائهم، ويقترب منهم فجأة المنافقون، بل المفسدون على الإنسان استقامته، فيحسنون ما يسيء من فعل وقول، من أجل امتصاص الزهرة وبعجل، ومتى ما ذبلت تلك الزهرة النضرة وسقطت، انكفأوا من حولها. هذه الزهرة وهذا التشبيه سبقنا إليه أفضل الصلاة والسلام.. بوصف الدنيا بالزهرة الذابلة. لذا وهبنا الله وميزنا بالعقل، ولنعلم أن دوام الحال من المحال. أقول تلك الكلمات وأنا أشاهد صاحب القرار في إحدى الدول العربية وأيضا ممن يخططون له، وينفذون أوامره، وقد انتهى بهم الأمر إلى التوقيف والسجن والمحاكمة، ومنعهم من السفر، بل والتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم، هم وأسرهم. لم يكن أحدنا، ولا حتى أحد من الإخوة المصريين يتوقع أن تأتي هذه اللحظات ويشاهد من كانوا يرأسون، منذ شهرين فقط، وهم يرتدون ملابس السجناء، ويقبع كل واحد منهم في زنزانته، بعد أن كانوا يرتدون أفخم الملابس، ويعيشون في أروع القصور. لو يعلم كل واحد منا أن المناصب، مهما كانت، ومهما طالت، زائلة لا محالة، ولو تفكر كل واحد منا وتدبر أمر السابقين، وكم تركوا من جنات وعيون، وكم بنوا من أهرامات شاهقة، لم تقف حائلا دون زوالهم، لو تدبرنا ذلك كله، ما ركن أحدنا إلى الدنيا لحظة واحدة، فهي خداعة، لا أمان لها، وقد حذرنا المولى عز وجل من ذلك كله حينما أخبرنا في كتابه بأنها متاع الغرور. فكثيرون الذين إذا تولوا إدارة مؤسسة أو هيئة، نسوا أنفسهم، وظنوا أنهم على كراسيهم، مخلدون في مناصبهم، ولا يختلف عنهم قوم آخرون، آتاهم الله في الدنيا الملايين، بل المليارات، فظنوا أنهم مانعتهم ملايينهم وملياراتهم، ونسوا الاعتبار بقارون، وغاب عن بالهم السجون. السلطة والمال، كلاهما ابتلاء من الله تعالى للمرء، وقليل من قام بحقها، ورعى الله فيهما، وقد يفرح بهما كثيرون، مع أن فيهما الهلاك والخسران المبين. أنا على يقين من أن أحد هؤلاء الذين كانوا قبل أسابيع قليلة مضت، يسيرون في المواكب الضخمة، تصفق لهم الأيادي، وتهفو إليهم الأفئدة، ويسعد الناس بالقرب منهم، أنا على يقين من أن كل واحد منهم، يقول بداخله: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، بل ربما يردد البعض منهم: يا ليتني كنت ترابا، وقد شهر به في وسائل الإعلام، وخاض الخائضون في سمعته، بعد أن انفضح أمره، وانكشفت فضائحه، ناهيك عما ينتظره من محاكمات في الدنيا، وعقاب أليم في الآخرة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة