لا تشبه ممارسة المرأة للكتابة إلا كمن يسير في حقل مليء بالألغام يتوجس خوفا ويموت هلعا من انفجار موات قريب قد يكون ثمنه الحياة، هذا ما تفعله الكتابة الإبداعية بالمرأة، وإن استمرت تلك الغواية وجازفت الأنثى باستمرار تلك الممارسة المرهقة فستكون كمن يعيش وحيدا في جزيرة معزولة لتصنع ما يحلو لها من شخصيات ولتتلاعب بذلك الزمن الهلامي الذي يفقد معناه عندما تلامسه أنامل مبدعة أصرت على كسره وتطويعه كيفما تشاء. وكأنما الروائية «رجاء عالم» قد تنبأت بطريق الألغام والأشواك ذاك، فكانت من أوائل أعمالها الإبداعية مسرحية بعنوان «الرقص على سن الشوكة» وقد بدت رجاء مستمتعة بتلك الممارسة الكتابية وهي ترقص نشوة بفرح معانقة عوالمها العجائبية، فنصوص رجاء عالم مرهقة جدا قراءة ونقدا، ولكنها تحمل ما يدعوه الناقد محمد العباس «النص البصمة» فرجاء وعالمها لا يمكن تقليدهما أو استنساخهما. تقول فاطمة العتيبي في كتابها «السرديات النسوية في الرواية السعودية: رجاء عالم أنموذجاً»عن الشخصيات النسائية في أعمال تلك المكية «إنهن نسوة يخاتلن الزمن، ليشكلن لهن مكانا، يكتشفن أنفسهن، ليغيرن العالم حولهن، عبر ثيمات متنوعة، تارة في التاريخ وتارة في الواقع، إنهن نساء يشتركن مع نسوة العالم في الظروف والأحداث، حيث الإحالة إلى التاريخ والأسطورة» في هذا الكلام تتضح رغبة رجاء عالم في المضي قدما على طريق الأشواك بحثا عن مكان، رغبة في تغيير ذلك العالم و «إثبات الوجود للمرأة والبحث لها عن هوية، والصمود في وجه القوة الذكورية» كما تقول صاحبة كتاب السرديات النسوية. فهل تكبدت رجاء عالم مشقة «الرقص على سن الشوكة» لتثبت للمرأة حضورا ورغبة في التغيير، مع إصرار رجل كالناقد معجب العدواني مثلاً على أن «المكان مغلق دائما عند المرأة وغالبا ما يكون سجنا أو قبرا» فلماذا كان طموح فاطمة ورجاء تغيير العالم بينما يغلق عليهم معجب المكان ويسجنهم في قبر!! ومع عدم إيماني التام بنظرية «موت المؤلف» فإني أجد رجاء عالم في كل رواية تصدرها هي تلك المولعة بالرحلات داخل التاريخ، وركوب جناح الأسطورة، وخلق تلك العوالم الغريبة المخيفة، بعيدا عن عالم مليء بالأشواك اتهمها في بداياتها بالغموض وعدم فهم ما تكتب فأدارت ظهرها للجميع وتعالت، وأخلصت لمن تحب، أخلصت لحرفها لرائحة حبرها لتطير على «طوق الحمام» للبوكر، يدلل على قولي بعدها عن تلك الأضواء وحفلات توقيع الكتب المضحكة، وتأملها للجمع وهم يسهرون ويختصمون، بينما تلملم بقايا أوراقها وأحبارها لتبدأ من جديد رحلة أخرى، فهي تلك الحجازية التي اجتمعت داخل عروقها دماء مختلطة أشعلت ذلك الجمال وخلقت لحظة النشوة التي يصفها الناقد الفرنسي رولان بارت ب «لذة النص» فمتى ستعيش رجاء عالم لذة الحب من وطنها الذي يضم أقدس بقعة «مكة» وجسدته في أعمالها التي شغلت الآخر، بينما انشغلنا عن رجائنا بعالمنا!! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة