تعد المكاتب التعاونية لدعوة وتوعية الجاليات أحد المشروعات التي أسست لنشر الإسلام، وتعريف الناس به بالتعريف برسالته بأساليب عصرية. وإذا أخذنا المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في المنطقة الصناعية في جدة نموذجا لتلك المكاتب، فإن مديره فؤاد كوثر يوضح أن الفائدة الكبرى من دعوة الجاليات غير المسلمة للدين الإسلامي هو نشره عند عودتهم إلى بلدانهم بالقدوة والأدب والسلوكيات والمعاملات الإسلامية، «وهذا هو هدفنا الأكبر أن يأخذ هؤلاء الإسلام من منابعه الأصيلة ثم ينطلقون إلى بلادهم لينشروه». وأكد أن الأرقام تتحدث والنتائج دائما مبشرة، مبينا أن العام الحالي شهد (المكتب) إسلام 451 شخصا من جنسيات مختلفة تعمل في المدينة الصناعية التي يعيش بها نحو 20 ألف عائلة، تضم ما يقرب من مائة ألف نسمة. وأضاف كوثر «أصدرنا تفسير القرآن بلغة الفلبين، وهو حصيلة عمل مجموعة من الدعاة بقيادة المكتب استمر عشر سنوات، وتم أخيرا الفسح من وزارة الإعلام لإصدار الكتاب، ونحن بصدد طباعة 20 ألف نسخة كمرحلة أولى، كما أننا نفكر بإنشاء موقع على الإنترنت خاص بهذا الكتاب»، فإلى تفاصيل الحوار: • بداية كيف يتم دعوة هؤلاء العمال في ظل انشغالهم في أعمالهم في مصانعهم؟ لدينا دعاة متفرغون للعمل صباح مساء، ونحن نجدول توقيت العمل الدعوي وفق توقيت وجدول استراحات هؤلاء العمال، سواء بعد الظهر أو العصر أو بعد الصلوات، حيث يتم تقديم الكلمات والمحاضرات في تلك الأوقات. • ألا تلقون معارضة من مالكي المصانع باعتبار أن نشاطكم يأخذ من وقت العمل؟ على العكس، فعادة ما نلقى ترحيبا من أصحاب الشركات والمصانع، فنحن نأخذ الإذن منهم مسبقا ومن ثم نشرع في العمل، كما أن البعض منهم يرتب لنا الأمور بنفسه ويجهز لنا قاعاته، بل ويحضرون الوجبات الغذائية للمدعوين بأنفسهم، وكثير من أصحاب المصانع هم من يوجهون لنا الدعوة ويطالبوننا بزيارة مصانعهم وتقديم الكلمات التوعوية والدعوية. متابعة دائمة • وماذا عن الدعوة خارج أوقات العمل؟ في المساء، غالبا ما يذهب الدعاة إلى بيوت العمال واحدا واحدا، فيذهب لكل عامل داعية يتقن لغته، فيطرقون الأبواب ويجلسون معهم جلسات ودية، ويتناقشون معهم حول الإسلام وحول ما يواجه العمال من مشكلات، ويقدمون لهم الكلمات الدعوية ويساعدونهم في حل المشكلات. • والمسلمون السابقون، ماذا تقدمون لهم؟ فهناك دعاة يذهبون لغير المسلمين، وآخرون يذهبون للمسلمين، حيث لدينا في كل أسبوع ما يقرب من 17 زيارة للتعريف بالإسلام، تتضمن 47 درسا، كلها تقام في خارج المكتب التعاوني، بالإضافة إلى 71 درسا تقام بشكل أسبوعي داخل المكتب التعاوني، هذا غير النشاط النسائي. وفي تلك الزيارات يتم التعريف بالإسلام وإعطاء خلفية واضحة عن عقائده وآدابه، وندخل لغير المسلمين من باب تعريفهم بالمجتمع المسلم الذي يعيشون فيه حاليا، وطرق التعامل المثلى مع مكوناته الثقافية والاجتماعية والدينية، وما عليه أن يفعله وما عليه ألا يفعله، ثم نحدثهم عن تفاصيل الإسلام بشكل تدريجي، كل وفق لغته وخلفيته الثقافية، ويثور لديهم الفضول للمعرفة والتساؤل، فيجدون الإجابات المفيدة لدى الدعاة. • ألا يجد هؤلاء المدعوون مقاومة نابعة من عقائدهم الأصلية وأفكارهم المغلوطة عن الإسلام؟ أغلبية غير المسلمين عندما يأتون إلى هنا يضعف ارتباطهم بعقائدهم وطقوسهم الباطلة، ومن خلال تعامل الواحد منهم مع المسلمين في كل الأوقات يبدأ في التساؤل عن الإسلام، وهكذا يبدأ في المقارنة بين الإسلام وبين عقيدته الباطلة وجو التعصب في بلده ومجتمعه، وهكذا يتجه للدخول في الإسلام. وكثير من غير المسلمين الذين لم يسلموا بعد يكون همهم الأكبر والوحيد هو الخوف من التعصب في بلاهم إذا عادوا إليه وقد تحولوا للإسلام، ويعتبر هذا نفسه سببا رئيسا في تراجع بعض المسلمين الجدد عن الإسلام. بداية الطريق • في السابق كانت أخبار إسلام بعض غير المسلمين تقابل بترحاب واهتمام، أما الآن فنلحظ أن هذا الاهتمام والحماس قد خف، فما السبب برأيك؟ عندما يعلن أحد العمال إسلامه في مسجدنا الصغير، فإن إخوانه المسلمين يجتمعون حوله ليهنئوه ويقاسموه فرحة اعتناقه الإسلام، ولكن نظرا لكثرة أخبار المسلمين الجدد، واعتياد نشرها في وسائل الإعلام، أصبح الأمر يصيب الناس بالرتابة والملل، كما أن طريقة عرض الخبر قد تساهم في عدم اكتراث البعض بهذه الأخبار، وفي الحقيقة فإن إشهار أي فرد لإسلامه إنما هو بداية الطريق وليست نهايته، حيث يجب أن يتبع ذلك جهود جبارة لتعليمه أركان وتعاليم دينه وتثبيته عليه. • يقال إن بعض المسلمين الجدد إنما يسلمون بهدف المادة وتسهيل معيشتهم في هذه البلاد، فما تعليقك؟ أقول: إن أسد الله سيدنا حمزة بن عبد المطلب أسلم في البداية عصبية وليس رغبة في الإسلام، لكنه حسن إسلامه فيما بعد وصار سيد الشهداء، فحتى وإن كان بعض المسلمين الجدد يدخلون في الإسلام في بادئ الأمر لهذه الأسباب فإننا لا نهتم بهذا ونأخذ بظواهرهم، ونعمل على تحسين بواطنهم وتأليف قلوبهم وتربيتهم على الإسلام وتحبيبهم فيه من خلال المعاملة الحسنة، وبالفعل ننجح في هذا، حتى إن كثيرا من هؤلاء يتحولون فيما بعد إلى دعاة. • ما الإجراءات الرسمية التي يجب على المسلم الجديد القيام بها؟ تبدأ بتوثيق إسلام العامل في مركز الدعوة والإرشاد التابع للوزارة، حيث يعقد هناك اجتماع أسبوعي صباح كل يوم اثنين يجمع كل من أسلموا حديثا خلال الأسبوع من كل المكاتب التعاونية في جدة، ويقوم كل داعية بإنطاق الشهادة لمجموعته فردا فردا أمام الشيخ المختص في الوزارة، الذي يسألهم ويتأكد من قناعتهم بدخول الإسلام. بعد ذلك يبدأون في إجراءات تغيير الديانة وتوثيق ذلك في أوراقه الثبوتية حتى يتمكن من الذهاب إلى الأماكن المقدسة لأداء العمرة أو الحج، ويتم إصدار شهادة مؤقتة لهم من مركز الدعوة تساعدهم على الدخول إلى مكة حتى تنتهي هذه الإجراءات. ونحن نجد تعاونا كبيرا من كفلائهم في هذه الإجراءات. نساء داعيات • هل للنساء دور أو نصيب في خريطة اهتماماتكم؟ نعم، فهذا العام بدأنا العمل بشكل مركز على النساء، وأنشأنا قسما خاصا بهن، ولدينا حاليا سبع داعيات بأربع لغات مختلفة، ونتيجة لهذا الجهد أسلم عندنا 50 امرأة في هذه السنة. ولدينا عدة فعاليات موجهة للنساء، من ضمنها فعالية شاركت فيها الأميرة بسمة بنت سعود، وحاليا نحن بصدد توظيف نساء جدد لديهن خبرة إدارية، لكي يتم ترتيب قسم النساء بشكل أفضل، ونتوقع إن شاء الله هذه السنة إنتاجا أكبر، حيث نستهدف الممرضات والعاملات في المشاغل ومراكز التجميل، إلى جانب بعض العاملات في المنازل. • ما أبرز الفعاليات والأنشطة التي يقوم بها المكتب لتحقيق أهدافه الدعوية؟ أبرزها عيد الجمعة، حيث نقيم نشاطا في كل يوم جمعة تفتح فيه أبواب المكتب من الصباح الباكر للتدريس في الفصول، وهذه الدروس تكون إما ترجمة لخطبة الجمعة أو بعض المحاضرات عن السنن وكيفية أدائها، كما نقيم وجبة غداء لجميع الحضور البالغ عددهم 500 شخص تقريبا كل أسبوع، بالإضافة إلى إقامة المناشط الرياضية والاجتماعية التي تنتظم من الساعة التاسعة صباحا إلى السابعة مساء.