الرد غير الدبلوماسي للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على بيان مجلس التعاون الخليجي يزيد من مستوى التعثر الأخير في العلاقات العربية الإيرانية، وليس بسبب ما حدث في البحرين فقط، فقد كان متوقعا أن ينفي نجاد تورط بلاده في زعزعة الاستقرار في بلد عضو في مجلس التعاون، وهذا من حقه بل من واجبه أن ينزه بلاده عن هذه التهمة، لكنه بدلا من ذلك اتهم مجلس التعاون بالخضوع للولايات المتحدة وحلفائها من أجل إصدار هذا البيان غير القانوني حسب تعبيره، مطالبا قوات درع الجزيرة بالانسحاب من مملكة البحرين.. أي بعبارة أخرى، أثبت تدخله مجددا، وزاد على ذلك اتهام الآخرين بالخضوع لإملاءات الخارج، في قضية خليجية داخلية، لا دخل لأمريكا وحلفائها بها. فمملكة البحرين هي التي طلبت مساعدة أشقائها وفق ما هو منصوص عليه في مواثيق مجلس التعاون، والدول الأعضاء استجابت للطلب، فما دور واشنطن في هذه المسألة المتعلقة مباشرة باستقرار البحرين، وهي لها ارتدادات وانعكاسات على مجمل الخليج بالدرجة الأولى؟. والغريب أن نجاد يعرض على الأممالمتحدة تقديم خدماته بشأن ما يجري في المنطقة العربية من اضطرابات وتحركات شعبي. أي هكذا من دون أن يطلب أحد منه وساطة ما، أو مساعدة ما، فعلى أي قاعدة يطلب ذلك، وتحت أي عنوان، وفي المنطقة دول محورية ورائدة، ومؤسسات إقليمية راسخة البنيان، تستطيع تولي أمورها بنفسها، بل الدخول في جهود لتسوية الأوضاع في المناطق المضطربة بحكم الأخوة والجوار والعلاقات التاريخية، وبناء على طلب من أطراف النزاع، وليس لتأييد فريق على آخر، أو لاتخاذ موقف مسبق بالتأييد أو الخصومة.. هذا هو ديدن الدول العربية بالإجمال، ودول الخليج خاصة، كما أن سياسات هذه الدول ترفض التدخل في أي شأن داخلي لأي دولة عربية، وهي لم تسع يوما للتدخل المباشر في الشؤون الإيرانية الداخلية، رغم احتدام الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين، منذ إعادة انتخاب نجاد لولاية رئاسية ثانية عام 2009، فهل هذه هي المعاملة بالمثل بين الدول؟ بل هل هذا هو التعامل بين إخوة الجوار؟ فكيف إذا كانت الوقائع تؤكد تورط إيران بأكثر من الدعم الإعلامي والمالي للمعارضين في البحرين، ويصل إلى حد تشكيل خلايا تجسس في أكثر من بلد خليجي، والتدريب العسكري لبعض الموالين لإيران، والتخطيط لهز الاستقرار في مملكة البحرين واهتزار نظامها بشتى الوسائل المتاحة؟. لم يعهد على دول مجلس التعاون أن أصدرت بيانات حادة اللهجة إلا في حالات استثنائية ومع توافر الأدلة والشواهد، وحري بالنظام الإيراني أن يتوقف عن مشاريعه التوسعية على حسابات شعوب المنطقة وسيادة دولها، وأن يعود إلى العقلانية والواقعية في علاقاته الخارجية، خاصة مع الأشقاء.